responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 114
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ رَدَّا عَلَى الَّذِينَ قَالُوا: {وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء: 49] {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [الإسراء: 99] أَيْ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ، وَالْمُرَادُ بِهِ النَّشْأَةُ الثَّانِيَةُ، وَهِيَ الْخَلْقُ الْجَدِيدُ، وَهِيَ الْمَثَلُ الْمَذْكُورُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُمْ هُمْ بِأَعْيَانِهِمْ، فَلَا تَنَافِي فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ، وَمَنْ لَمْ يَفْهَمْ ذَلِكَ حَقَّ فَهْمِهِ تَخَبَّطَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْمَعَادِ، وَبَقِيَ مِنْهُ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ؛ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ دَلَّهُمْ سُبْحَانَهُ بِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَلَى الْإِعَادَةِ وَالْبَعْثِ، وَأَكَّدَ هَذَا الْقِيَاسَ بِضَرْبٍ مِنْ الْأَوْلَى، وَهُوَ أَنَّ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ، فَالْقَادِرُ عَلَى خَلْقِ مَا هُوَ أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ مِنْكُمْ أَقْدَرُ عَلَى خَلْقِكُمْ.
وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ إعَادَتِهِ، فَلَيْسَ مَعَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْقِيَامَةِ إلَّا مُجَرَّدُ تَكْذِيبِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَتَعْجِيزُ قُدْرَتِهِ، وَنِسْبَةُ عَمَلِهِ إلَى الْقُصُورِ، وَالْقَدَحُ فِي حِكْمَتِهِ؛ وَلِهَذَا يُخْبِرُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَمَّنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَافِرٌ بِرَبِّهِ، جَاحِدٌ لَهُ، لَمْ يُقِرَّ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} [الرعد: 5] وَقَالَ الْمُؤْمِنُ لِلْكَافِرِ الَّذِي قَالَ: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف: 36] فَقَالَ لَهُ: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا} [الكهف: 37] فَمُنْكِرُ الْمَعَادِ كَافِرٌ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِهِ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ} [العنكبوت: 20] يَقُولُ تَعَالَى: اُنْظُرُوا كَيْفَ بَدَأْت الْخَلْقَ؛ فَاعْتَبِرُوا الْإِعَادَةَ بِالِابْتِدَاءِ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: 19] . وقَوْله تَعَالَى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم: 50] .
وَقَوْلُهُ: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9] {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: 10] {رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} [ق: 11] وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} [الأنبياء: 104] وَالسِّجِلُّ: الْوَرَقُ الْمَكْتُوبُ فِيهِ، وَالْكِتَابُ: نَفْسُ الْمَكْتُوبِ، وَاللَّامُ بِمَنْزِلَةِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست