responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 123
يَدْعُوهُمْ الرُّسُلُ وَيُهْدُونَهُمْ السَّبِيلَ فَلَا يَسْتَجِيبُونَ وَلَا يَهْتَدُونَ وَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا يَضُرُّهُمْ وَبَيْنَ مَا يَنْفَعُهُمْ، وَالْأَنْعَامُ تُفَرِّقُ بَيْنَ مَا يَضُرُّهَا مِنْ النَّبَاتِ وَالطَّرِيقِ فَتَجْتَنِبُهُ وَمَا يَنْفَعُهَا فَتُؤْثِرُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ لِلْأَنْعَامِ قُلُوبًا تَعْقِلُ بِهَا، وَلَا أَلْسِنَةً تَنْطِقُ بِهَا، وَأَعْطَى ذَلِكَ لِهَؤُلَاءِ ثُمَّ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنْ الْعُقُولِ وَالْقُلُوبِ وَالْأَلْسِنَةِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ، فَهُمْ أَضَلُّ مِنْ الْبَهَائِمِ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَهْتَدِي إلَى الرُّشْدِ وَإِلَى الطَّرِيقِ مَعَ الدَّلِيلِ إلَيْهِ أَضَلُّ وَأَسْوَأُ حَالًا مِمَّنْ لَا يَهْتَدِي حَيْثُ لَا دَلِيلَ مَعَهُ.
فَصْلٌ
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم: 28] وَهَذَا دَلِيلُ قِيَاسٍ احْتَجَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عَبِيدِهِ وَمِلْكِهِ شُرَكَاءَ، فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ حُجَّةً يَعْرِفُونَ صِحَّتَهَا مِنْ نُفُوسِهِمْ، لَا يَحْتَاجُونَ فِيهَا إلَى غَيْرِهِمْ، وَمِنْ أَبْلَغِ الْحِجَاجِ أَنْ يَأْخُذَ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ فِي نَفْسِهِ، مُقَرَّرٌ عِنْدَهَا، مَعْلُومٌ لَهَا، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ عَبِيدِكُمْ وَإِمَائِكُمْ شُرَكَاءَ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ؟ أَيْ هَلْ يُشَارِكُكُمْ عَبِيدُكُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ فَأَنْتُمْ وَهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ تَخَافُونَ أَنْ يُقَاسِمُوكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَيُشَاطِرُوكُمْ إيَّاهَا، وَيَسْتَأْثِرُونَ بِبَعْضِهَا عَلَيْكُمْ، كَمَا يَخَافُ الشَّرِيكُ شَرِيكَهُ؟ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَخَافُونَهُمْ أَنْ يَرِثُوكُمْ كَمَا يَرِثُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَالْمَعْنَى هَلْ يَرْضَى أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ شَرِيكَهُ فِي مَالِهِ وَأَهْلِهِ حَتَّى يُسَاوِيَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ فَهُوَ يَخَافُ أَنْ يَنْفَرِدَ فِي مَالِهِ بِأَمْرٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَا يَخَافُ غَيْرَهُ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَالْأَحْرَارِ؟ فَإِذَا لَمْ تَرْضَوْا ذَلِكَ لِأَنْفُسِكُمْ فَلِمَ عَدَلْتُمْ بِي مِنْ خَلْقِي مَنْ هُوَ مَمْلُوكٌ لِي؟ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحُكْمُ بَاطِلًا فِي فِطَرِكُمْ وَعُقُولِكُمْ - مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ عَلَيْكُمْ مُمْكِنٌ فِي حَقِّكُمْ؛ إذْ لَيْسَ عَبِيدُكُمْ مِلْكًا لَكُمْ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا هُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، وَأَنْتُمْ وَهُمْ عَبِيدٌ لِي - فَكَيْفَ تَسْتَجِيزُونَ مِثْلَ هَذَا الْحُكْمِ فِي حَقِّي، مَعَ أَنَّ مَنْ جَعَلْتُمُوهُمْ لِي شُرَكَاءَ عَبِيدِي وَمِلْكِي وَخَلْقِي؟ فَهَكَذَا يَكُونُ تَفْصِيلُ الْآيَاتِ لِأُولِي الْعُقُولِ

[فَصْلٌ قِيَاسِ الْعَكْسِ]
فَصْلٌ [مَثَلٌ مِنْ قِيَاسِ الْعَكْسِ]
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ - وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 75 - 76]

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست