responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 154
فَإِنْ قِيلَ: فَشَرْطُ صِحَّةِ الْقِيَاسِ ذِكْرُ الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ. قِيلَ: هَذَا مِنْ حُسْنِ الِاخْتِصَارِ، وَالِاسْتِغْنَاءِ بِالْوَصْفِ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ ذِكْرَ الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَدْ يُعَلِّلُ بَعْلَةٍ يُغْنِي ذِكْرُهَا عَنْ ذِكْرِ الْأَصْلِ، وَيَكُونُ تَرْكُهُ لِذِكْرِ الْأَصْلِ أَبْلَغَ مِنْ ذِكْرِهِ، فَيَعْرِفُ السَّامِعُ الْأَصْلَ حِينَ يَسْمَعُ ذِكْرَ الْعِلَّةِ؛ فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ عَلَّلَ وُجُوبَ الصَّلَاةِ مَعَ هَذَا الدَّمِ بِأَنَّهُ عِرْقٌ صَارَ الْأَصْلُ الَّذِي يُرَدُّ إلَيْهِ هَذَا الْكَلَامُ مَعْلُومًا، فَإِنَّ كُلَّ سَامِعٍ سَمِعَ هَذَا يَفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ دَمَ الْعِرْقِ لَا يُوجِبُ تَرْكَ الصَّلَاةِ، وَلَوْ قَالَ: " هُوَ عِرْقٌ فَلَا يُوجِبُ تَرْكَ الصَّلَاةِ كَسَائِرِ دَمِ الْعُرُوقِ لَكَانَ عِيًّا، وَعُدَّ مِنْ الْكَلَامِ الرَّكِيكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَائِقًا بِفَصَاحَتِهِ، وَإِنَّمَا يَلِيقُ هَذَا بِعَجْرَفَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتُكَلِّفْهُمْ وَتَطْوِيلِهِمْ.
وَنَظِيرُ هَذَا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ سَأَلَ عَنْ مَسِّ ذَكَرِهِ هَلْ إلَّا بِضْعَةٌ مِنْكَ» ، فَاسْتَغْنَى بِهَذَا عَنْ تَكَلُّفِ قَوْلِهِ كَسَائِرِ الْبِضْعَاتِ.
وَمِنْ ذَلِكَ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَرْأَةِ الَّتِي سَأَلَتْهُ: هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: أَوَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» ، فَبَيَّنَ أَنَّ النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ شَقِيقَانِ وَنَظِيرَانِ لَا يَتَفَاوَتَانِ وَلَا يَتَبَايَنَانِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ الثَّابِتِ فِي فِطَرِهِمْ أَنَّ حُكْمَ الشَّقِيقَيْنِ وَالنَّظِيرَيْنِ حُكْمٌ وَاحِدٌ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَعْلِيلًا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْقَدْرِ أَوْ لِلشَّرْعِ أَوْ لَهُمَا؛ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَسَاوِي الشَّقِيقَيْنِ وَتَشَابُهِ الْقَرِينَيْنِ وَإِعْطَاءِ أَحَدِهِمَا حُكْمَ الْآخَرِ.

[فَصْلٌ حَدِيثُ مُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ الرَّسُولُ إلَى الْيَمَنِ]
وَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاذًا عَلَى اجْتِهَادِ رَأْيِهِ فِيمَا لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنِي أَبُو عَوْنٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ «عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ قَالَ: كَيْفَ تَصْنَعُ إنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ قَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي لَا آلُو، قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدْرِي ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . فَهَذَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست