responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 201
لِلْوَصْفِ وَحْدَهُ، بَلْ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ فَرْعٌ وَأَصْلٌ، بَلْ تَكُونَ الصُّورَتَانِ فَرْدَيْنِ مِنْ أَفْرَادِ الْعُمُومِ الْمَعْنَوِيِّ، كَمَا يَكُونَ أَفْرَادُ الْعَامِّ لَفْظًا كَذَلِكَ لَيْسَ بَعْضُهَا أَصْلًا لِبَعْضٍ.
قَالُوا: وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْبَيَانَ بِالْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ أَعْلَى مِنْ الْبَيَانِ بِالْقِيَاسِ، فَكَيْفَ يَعْدِلُ الشَّارِعُ - مَعَ كَمَالِ حِكْمَتِهِ - عَنْ الْبَيَانِ الْجَلِيِّ إلَى الْبَيَانِ الْأَخْفَى؟ قَالُوا: وَنَسْأَلُ الْقِيَاسِيَّ عَنْ مَحَلِّ الْقِيَاسِ، أَيَجِبُ فِي الشَّيْئَيْنِ إذَا تَشَابَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَمْ إذَا اشْتَبَهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَعْضِهَا؟ فَإِنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ تَرَكَ قَوْلَهُ وَادَّعَى مُحَالًا، إذْ مَا مِنْ شَيْئَيْنِ إلَّا وَبَيْنَهُمَا جَامِعٌ وَفَارِقٌ، وَإِنْ قَالَ بِالثَّانِي قِيلَ لَهُ: فَهَلَّا حَكَمْتَ لِلْفَرْعِ بِضِدِّ حُكْمِ الْأَصْلِ مِنْ أَجْلِ الْوَجْهِ الَّذِي خَالَفَهُ فِيهِ؟ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ جِهَةَ وِفَاقٍ تَدُلُّ عَلَى الِائْتِلَافِ فَهَذِهِ جِهَةُ افْتِرَاقٍ تَدُلُّ عَلَى الِاخْتِلَافِ؛ فَلَيْسَ إلْحَاقُ صُوَرِ النِّزَاعِ بِمُوجَبِ الْوِفَاقِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِمُوجَبِ الِافْتِرَاقِ.
قَالُوا: وَلَا يَنْفَعُهُ الِاعْتِذَارُ بِأَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الِاتِّفَاقُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي ثَبَتَ الْحُكْمُ مِنْ أَجْلِهِ عَدَّيْتُ - الْحُكْمَ، وَإِلَّا فَلَا.
قِيلَ لَهُ: إذَا كَانَ فِي الْأَصْلِ عِدَّةُ أَوْصَافٍ فَتَعْيِينُكَ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ شُرِعَ الْحُكْمُ قَوْلٌ بِلَا عِلْمٍ، وَقَدْ عَارَضَكَ فِيهِ مُنَازِعُوكَ فَادَّعَوْا أَنَّ الْحُكْمَ شُرِعَ لِغَيْرِ مَا ذَكَرْتَ.
مِثَالُهُ أَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا نَصَّ عَلَى رِبَا الْفَضْلِ فِي الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ فَقَالَ قَائِلٌ: إنَّ الْمَعْنَى الَّذِي حَرُمَ التَّفَاضُلُ لِأَجْلِهِ هُوَ الْكَيْلُ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْوَزْنُ فِي الْمَوْزُونَاتِ، قَالَ لَهُ مُنَازِعُهُ: لَا، بَلْ كَوْنُهَا مَطْعُومَةً فَقَالَ آخَرُ: لَا، بَلْ هُوَ كَوْنُهَا مُقْتَاتَةً وَمُدَّخَرَةً، فَقَالَ آخَرُ: لَا، بَلْ كَوْنُهَا تَجْرِي فِيهَا الزَّكَاةُ، فَقَالَ آخَرُ: لَا بَلْ كَوْنُهَا جِنْسًا وَاحِدًا، وَكُلُّ فَرِيقٍ يَزْعُمُ أَنَّ الصَّوَابَ مَا ادَّعَاهُ دُونَ مُنَازَعَةٍ، وَيَقْدَحُ فِيمَا ادَّعَاهُ الْآخَرُ، وَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُ قَدَحٌ فِي قَوْلِ مُنَازِعِهِ، إلَّا وَيَتَهَيَّأُ لِمُنَازَعِهِ مِثْلُهُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ أَوْ دُونُهُ، فَلَوْ ظَنَّ آخَرُونَ فَقَالُوا: الْعِلَّةُ كَوْنُهُ مِمَّا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِمَا تُنْبِتُهُ لَهُمْ الْأَرْضُ، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] وَقَالَ: إنَّ مِنْ تَمَامِ النِّعْمَةِ فِيهِ أَنْ لَا يُبَاعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا لَكَانَ قَوْلُهُ وَاحْتِجَاجُهُ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الْآخَرِينَ وَاحْتِجَاجِهِمْ، وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ الدِّينِ بِسَبِيلٍ؟ ،
قَالُوا: وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ النَّصُّ فِي الْأَصْلِ قَدْ دَلَّ عَلَى شَيْئَيْنِ: ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ نُطْقًا، وَتَعْدِيَتُهُ إلَى مَا فِي مَعْنَاهُ بِالْعِلَّةِ، فَإِذَا نُسِخَ الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ هَلْ يَبْقَى الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ أَوْ يَزُولُ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ " يَبْقَى " فَهُوَ مُحَالٌ، وَإِنْ قُلْتُمْ " يَزُولُ " تَنَاقَضْتُمْ؛ إذْ مِنْ أَصْلِكُمْ أَنَّ نَسْخَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست