responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 246
نَمَائِهَا بِقَدْرِ نَمَاءِ الْبُسْتَانِ فَيَسْتَوْفُوا مِنْ نَمَاءِ غَنَمِهِمْ نَظِيرَ مَا فَاتَهُمْ مِنْ نَمَاءِ حَرْثِهِمْ، وَقَدْ اعْتَبَرَ النماءين فَوَجَدَهُمَا سَوَاءً وَهَذَا هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِإِدْرَاكِهِ.
وَقَدْ تَنَازَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: مُوَافَقَةُ الْحُكْمِ السُّلَيْمَانِيِّ فِي ضَمَانِ النَّفْشِ وَفِي الْمِثْلِ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَوَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ خِلَافُهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: مُوَافَقَتُهُ فِي ضَمَانِ النَّفْشِ دُونَ التَّضْمِينِ بِالْمِثْلِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ.
وَالثَّالِثُ: مُوَافَقَتُهُ فِي التَّضْمِينِ بِالْمِثْلِ دُونَ النَّفْشِ كَمَا إذَا رَعَاهَا صَاحِبُهَا بِاخْتِيَارِهِ دُونَ مَا إذَا تَفَلَّتَتْ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد وَمَنْ وَافَقَهُ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ النَّفْشَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ بِحَالٍ، وَمَا وَجَبَ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي بِغَيْرِ النَّفْشِ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لَا بِالْمِثْلِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَمَا حَكَمَ بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ سُلَيْمَانُ هُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَالْقِيَاسِ، وَقَدْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَمَانٌ عَلَى أَهْلِهَا، فَصَحَّ بِحُكْمِهِ ضَمَانُ النَّفْشِ، وَصَحَّ بِالنُّصُوصِ السَّابِقَةِ وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ وُجُوبُ الضَّمَانِ بِالْمِثْلِ، وَصَحَّ بِنَصِّ الْكِتَابِ الثَّنَاءُ عَلَى سُلَيْمَانَ بِتَفْهِيمِ هَذَا الْحُكْمِ، فَصَحَّ أَنَّهُ الصَّوَابُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[الْمُمَاثَلَةُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْجِنَايَاتِ]
[هَلْ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ مَا فَعَلَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؟]
وَمِنْ ذَلِكَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْجِنَايَاتِ الثَّلَاثِ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: هَلْ يُفْعَلُ بِالْجَانِي كَمَا يُفْعَلُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؟ فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُحَرَّمًا لِحَقِّ اللَّهِ كَاللِّوَاطِ وَتَجْرِيعِهِ الْخَمْرَ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ كَمَا فَعَلَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ كَتَحْرِيقِهِ بِالنَّارِ وَإِلْقَائِهِ فِي الْمَاءِ وَرَضِّ رَأْسِهِ بِالْحَجَرِ وَمَنْعِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ حَتَّى يَمُوتَ فَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ يَفْعَلُونَ بِهِ كَمَا فَعَلَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُرْحِ الْمُزْهِقِ وَغَيْرِهِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يَقُولَانِ: لَا يُقْتَلُ إلَّا بِالسَّيْفِ فِي الْعُنُقِ خَاصَّةً وَأَحْمَدُ [فِي] رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ يَقُولُ: إنْ كَانَ الْجُرْحُ مُزْهِقًا فُعِلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ، وَإِلَّا قُتِلَ بِالسَّيْفِ.
وَفِي رِوَايَةٍ رَابِعَةٍ يَقُولُ: إنْ كَانَ مُزْهِقًا، أَوْ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ بِنَفْسِهِ لَوْ انْفَرَدَ فُعِلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قُتِلَ بِالسَّيْفِ، وَالْكِتَابُ وَالْمِيزَانُ مَعَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِ جَاءَتْ السُّنَّةُ، فَإِنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضَّ رَأْسَ الْيَهُودِيِّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ كَمَا فَعَلَ بِالْجَارِيَةِ» ، وَلَيْسَ هَذَا قَتْلًا لِنَقْضِهِ الْعَهْدَ؛ لِأَنَّ نَاقِضَ الْعَهْدِ إنَّمَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ فِي الْعُنُقِ، وَفِي أَثَرٍ مَرْفُوعٍ «مَنْ حَرَّقَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست