responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 257
النِّكَاحِ إلَّا شَكٌّ مَحْضٌ فَلَا يَزُولُ بِهِ، وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِالطَّهَارَةِ الَّتِي شَكَّ فِي انْتِقَاضِهَا، فَإِنَّ الْأَصْلَ هُنَاكَ شُغْلُ الذِّمَّةِ وَقَدْ وَقَعَ الشَّكُّ فِي فَرَاغِهَا، وَلَا يُقَالُ هُنَا: إنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ بِالطَّلَاقِ وَقَدْ شَكَكْنَا فِي الْحِلِّ، فَإِنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ زَالَ بِنِكَاحٍ مُتَيَقَّنٍ وَقَدْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي مَا يَرْفَعُهُ، فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِوُضُوءٍ مُتَيَقَّنٍ ثُمَّ شَكَّ فِي زَوَالِهِ، فَإِنْ قِيلَ: هُوَ مُتَيَقَّنٌ لِلتَّحْرِيمِ بِالطَّلَاقِ شَاكٌّ فِي الْحِلِّ بِالرَّجْعَةِ، فَكَانَ جَانِبُ التَّحْرِيمِ أَقْوَى، قِيلَ: لَيْسَتْ الرَّجْعِيَّةُ بِمُحَرَّمَةٍ، وَلَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا، وَلَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ وَتَتَعَرَّضَ لَهُ، وَلَهُ أَنْ يَطَأَهَا، وَالْوَطْءُ رَجْعَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَحْدَهُ، وَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الْقَسْمِ خَاصَّةً، وَلَوْ سَلَّمَ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فَقَوْلُكُمْ " إنَّهُ مُتَيَقِّنٌ لِلتَّحْرِيمِ " إنْ أَرَدْتُمْ بِهِ التَّحْرِيمَ الْمُطْلَقَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِهِ مُطْلَقَ التَّحْرِيمِ لَمْ يَسْتَلْزِمْ أَنْ يَكُونَ بِثَلَاثٍ، فَإِنَّ مُطْلَقَ التَّحْرِيمِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ يَكُونَ بِثَلَاثٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْأَعَمِّ ثُبُوتُ الْأَخَصِّ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ.
فَصْلٌ [اسْتِصْحَابُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ]
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: اسْتِصْحَابُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ هَلْ هُوَ حُجَّةٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حُجَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيّ وَالصَّيْرَفِيِّ وَابْنِ شَاقِلَا وَابْنِ حَامِدٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ.
وَالثَّانِي: لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ وَأَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالْحَلْوَانِيِّ وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ، وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ إنَّمَا كَانَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ مَحَلِّ النِّزَاعِ كَالْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، فَأَمَّا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ فَلَا إجْمَاعَ، فَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُسْتَصْحَبُ، إذْ يَمْتَنِعُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَالِاسْتِصْحَابُ إنَّمَا يَكُونُ لِأَمْرٍ ثَابِتٍ فَيُسْتَصْحَبُ ثُبُوتُهُ، أَوْ لِأَمْرٍ مُنْتَفٍ فَيُسْتَصْحَبُ نَفْيُهُ، قَالَ الْأَوَّلُونَ: غَايَةُ مَا ذَكَرْتُمْ أَنَّهُ لَا إجْمَاعَ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَهَذَا حَقٌّ، وَنَحْنُ لَمْ نَدَّعِ الْإِجْمَاعَ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، بَلْ اسْتَصْحَبْنَا حَالَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُزِيلُهُ، قَالَ الْآخَرُونَ: الْحُكْمُ إذَا كَانَ إنَّمَا ثَبَتَ بِإِجْمَاعٍ، وَقَدْ زَالَ الْإِجْمَاعُ، زَالَ الْحُكْمُ بِزَوَالِ دَلِيلِهِ، فَلَوْ ثَبَتَ الْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ لَثَبَتَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ.
وَقَالَ الْمُثْبِتُونَ: الْحُكْمُ كَانَ ثَابِتًا، وَعَلِمْنَا بِالْإِجْمَاعِ ثُبُوتَهُ، فَالْإِجْمَاعُ لَيْسَ هُوَ عِلَّةَ ثُبُوتِهِ وَلَا سَبَبَ ثُبُوتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ زَوَالِ الْعِلَّةِ زَوَالُ مَعْلُولِهَا، وَمِنْ زَوَالِ السَّبَبِ زَوَالُ حُكْمِهِ، وَإِنَّمَا الْإِجْمَاعُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُسْتَنِدٌ إلَى نَصٍّ أَوْ مَعْنَى نَصٍّ، فَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ ثَابِتٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَالدَّلِيلُ لَا يَنْعَكِسُ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْإِجْمَاعِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست