responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 268
يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدُهُمْ، وَقَالَ فِي وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] فَذَكَرَ حُكْمَ وَلَدِ الْأَبِ وَالْأَبَوَيْنِ وَاحِدِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ، وَهُوَ حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِهِ جَمَاعَتُهُمْ كَمَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدُهُمْ فَلَا يُشَارِكُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ، فَكَذَا حُكْمُ وَلَدِ الْأُمِّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ غَيْرُ الْآخَرِ، فَلَا يُشَارِكُ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ الْآخَرَ، وَهَذَا الصِّنْفُ الثَّانِي هُوَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ وَلَدُ الْأُمِّ بِالْإِجْمَاعِ، كَمَا فَسَّرَتْهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ " مِنْ أُمٍّ " وَهِيَ تَفْسِيرٌ وَزِيَادَةُ إيضَاحٍ، وَإِلَّا فَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ السِّيَاقِ وَلِهَذَا ذَكَرَ - سُبْحَانَهُ - وَلَدَ الْأُمِّ فِي آيَةِ الزَّوْجَيْنِ، وَهُمْ أَصْحَابُ فَرْضٍ مُقَدَّرٍ لَا يَخْرُجُونَ عَنْهُ، وَلَا حَظَّ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِي التَّعْصِيبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا أَحَدًا مِنْ الْعَصَبَةِ، بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ فِي آيَةِ الْعَمُودَيْنِ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنَّ لِجِنْسِهِمْ حَظًّا فِي التَّعْصِيبِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي آيَةِ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ وَالزَّوْجَيْنِ: {غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12] وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي آيَةِ الْعَمُودَيْنِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَثِيرًا مَا يَقْصِدُ ضِرَارَ الزَّوْجِ وَوَلَدِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ عَصَبَتِهِ بِخِلَافِ أَوْلَادِهِ وَآبَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يُضَارُّهُمْ فِي الْعَادَةِ، فَإِذَا كَانَ النَّصُّ قَدْ أَعْطَى وَلَدَ الْأُمِّ الثُّلُثَ لَمْ يَجُزْ تَنْقِيصُهُمْ مِنْهُ، وَأَمَّا وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ فَهُمْ جِنْسٌ آخَرُ وَهُمْ عَصَبَتُهُ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ " وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ تُبْقِ الْفَرَائِضُ شَيْئًا، فَلَا شَيْءَ لِلْعَصَبَةِ بِالنَّصِّ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِسِ " هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا " فَقَوْلٌ بَاطِلٌ حِسًّا وَشَرْعًا، فَإِنَّ الْأَبَ لَوْ كَانَ حِمَارًا لَكَانَتْ الْأُمُّ أَتَانًا، وَإِذَا قِيلَ: يُقَدَّرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، قِيلَ: هَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْمَوْجُودَ لَا يَكُونُ كَالْمَعْدُومِ، وَأَمَّا بُطْلَانُهُ شَرْعًا فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - حَكَمَ فِي وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ بِخِلَافِ حُكْمِهِ فِي وَلَدِ الْأُمِّ.
فَإِنْ قِيلَ: الْأَبُ إنْ لَمْ يَنْفَعْهُمْ لَمْ يَضُرَّهُمْ.
قِيلَ: بَلْ قَدْ يَضُرُّهُمْ كَمَا يَنْفَعُهُمْ، فَإِنَّ وَلَدَ الْأُمِّ لَوْ كَانَ وَاحِدًا وَوَلَدُ الْأَبَوَيْنِ مِائَةً وَفَضَلَ نِصْفُ سُدُسٍ انْفَرَدَ وَلَدُ الْأُمِّ بِالسُّدُسِ، وَاشْتَرَكَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ فِي نِصْفِ السُّدُسِ، فَهَلَّا قَبِلْتُمْ قَوْلَهُمْ هَهُنَا هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا؟ وَهَلَّا قَدَّرْتُمْ الْأَبَ مَعْدُومًا فَخَرَجْتُمْ عَنْ الْقِيَاسِ كَمَا خَرَجْتُمْ عَنْ النَّصِّ؟ وَإِذَا جَازَ أَنْ يُنْقِصَهُمْ الْأَبُ جَازَ أَنْ يَحْرِمَهُمْ، وَأَيْضًا فَالْقَرَابَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُلْتَئِمَةُ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لَا تُفَرَّقُ أَحْكَامُهَا، هَذِهِ قَاعِدَةُ النَّسَبِ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا، فَالْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لَا نَجْعَلُهُ كَأَخٍ مِنْ أَبٍ وَأَخٍ مِنْ أُمٍّ فَنُعْطِيهِ السُّدُسَ فَرْضًا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَالْبَاقِي تَعْصِيبًا بِقَرَابَةِ الْأَبِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست