responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 275
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُخْتَ تَرِثُ النِّصْفَ مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ، وَأَنَّهُ هُوَ يَرِثُ الْمَالَ كُلَّهُ مَعَ عَدَمِ وَلَدِهَا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْأُخْتَ مَعَ الْوَلَدِ لَا يَكُونُ لَهَا النِّصْفُ مِمَّا تَرَكَ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ قَوْلُهُ: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 176] زِيَادَةً فِي اللَّفْظِ، وَنَقْصًا فِي الْمَعْنَى، وَإِيهَامًا لِغَيْرِ الْمُرَادِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا مَعَ الْوَلَدِ لَا تَرِثُ النِّصْفَ، وَالْوَلَدُ إمَّا ذَكَرٌ وَإِمَّا أُنْثَى، فَأَمَّا الذَّكَرُ فَإِنَّهُ يُسْقِطُهَا كَمَا يُسْقِطُ الْأَخَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَدَلَّ قَوْلُهُ: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ يُسْقِطُهُ كَمَا يُسْقِطُهَا، وَأَمَّا الْأُنْثَى فَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تَأْخُذُ النِّصْفَ وَلَا تَمْنَعُ الْأَخَ عَنْ النِّصْفِ الْبَاقِي إذَا كَانَتْ بِنْتٌ وَأَخٌ، بَلْ دَلَّ الْقُرْآنُ مَعَ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ الْأَخَ يَفُوزُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} [النساء: 33] .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا يَنْفِي مِيرَاثَ الْأُخْتِ مَعَ إنَاثِ الْوَلَدِ بِغَيْرِ جِهَةِ الْفَرْضِ، وَإِنَّمَا صَرِيحُهُ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ فَرْضُهَا النِّصْفَ مَعَ الْوَلَدِ، فَبَقِيَ هَهُنَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
إمَّا أَنْ يُفْرَضَ لَهَا أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ، وَإِمَّا أَنْ تُحْرَمَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ عَصَبَةً، وَالْأَوَّلُ مُحَالٌ، إذْ لَيْسَ لِلْأُخْتِ فَرْضٌ مُقَدَّرٌ غَيْرُ النِّصْفِ، فَلَوْ فَرَضْنَا لَهَا أَقَلَّ مِنْهُ لَكَانَ ذَلِكَ وَضْعَ شَرْعٍ جَدِيدٍ، فَبَقِيَ إمَّا الْحِرْمَانَ وَإِمَّا التَّعْصِيبَ، وَالْحِرْمَانُ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ، فَإِنَّهَا وَأَخَاهَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ لَا تُزَاحِمُ الْبِنْتَ، فَإِذَا لَمْ يَسْقُطْ أَخُوهَا بِالْبِنْتِ لَمْ تَسْقُطْ هِيَ بِهَا أَيْضًا، فَإِنَّهَا لَوْ سَقَطَتْ بِالْبِنْتِ وَلَمْ يَسْقُطْ أَخُوهَا بِهَا لَكَانَ أَقْوَى مِنْهَا وَأَقْرَبَ إلَى الْمَيِّتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَيْضًا فَلَوْ أَسْقَطَتْهَا الْبِنْتُ إذَا انْفَرَدَتْ عَنْ أَخِيهَا لَأَسْقَطَتْهَا مَعَ أَخِيهَا، فَإِنَّ أَخَاهَا لَا يَزِيدُهَا قُوَّةً، وَلَا يُحَصِّلُ لَهَا نَفْعًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، بَلْ لَا يَكُونُ إلَّا مُضِرًّا لَهَا ضَرَرَ نُقْصَانٍ أَوْ ضَرَرَ حِرْمَانٍ، كَمَا إذَا خَلَّفَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، فَإِنَّهَا يُفْرَضُ لَهَا النِّصْفُ عَائِلًا، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا أَخُوهَا سَقَطَا مَعًا، وَلَا تَنْتَفِعُ لَهُ فِي الْفَرَائِضِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ أَسْقَطَتْهَا الْبِنْتُ إذَا انْفَرَدَتْ لَأَسْقَطَتْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مَعَ مَنْ يُضَعِّفُهَا وَلَا يُقَوِّيهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْبِنْتَ إذَا لَمْ تُسْقِطُ ابْنَ الْأَخِ وَابْنَ الْعَمِّ وَابْنَ عَمِّ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ بَعُدَ فَأَنْ لَا تُسْقِطَ الْأُخْتَ مَعَ قُرْبِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَأَيْضًا فَإِنَّ قَاعِدَةَ الْفَرَائِضِ إسْقَاطُ الْبَعِيدِ بِالْقَرِيبِ، وَتَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ عَلَى الْأَبْعَدِ، وَهَذَا عَكْسُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَقْدِيمُ الْأَبْعَدِ جِدًّا الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَسَائِطُ كَثِيرَةٌ عَلَى الْأَقْرَبِ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ إلَّا وَاسِطَةُ الْأَبِ وَحْدَهُ، فَكَيْفَ يَرِثُ ابْنُ عَمِّ جَدِّ الْمَيِّتِ مَثَلًا مَعَ الْبِنْتِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَسَائِطُ كَثِيرَةٌ وَتُحْرَمُ الْأُخْتُ الْقَرِيبَةُ الَّتِي رَكَضَتْ مَعَهُ فِي صُلْبِ أَبِيهِ وَرَحِمِ أُمِّهِ؟ هَذَا مِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ شَرْعًا، فَهَذَا مِنْ جِهَةِ الْمِيزَانِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ فَهْمِ النَّصِّ فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - قَالَ فِي الْأَخِ: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست