responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 289
ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فِي الْجَنَّةِ - وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْهُمْ، فَالْوَاجِبُ تَحْكِيمُ هَذَا النَّصِّ الْعَامِّ وَالْعَمَلُ بِعُمُومِهِ حَتَّى يَثْبُتَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا عَلَى خِلَافِهِ، فَالْأُمَّةُ لَا تُجْمِعُ عَلَى خَطَأٍ أَلْبَتَّةَ.
وَمِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» فِي إبْطَالِ كُلِّ عَقْدٍ نَهَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهُ وَحَرَّمَهُ، وَأَنَّهُ لَغْوٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، نِكَاحًا كَانَ أَوْ طَلَاقًا أَوْ غَيْرَهُمَا، إلَّا أَنْ تُجْمِعَ الْأُمَّةُ إجْمَاعًا مَعْلُومًا عَلَى أَنَّ بَعْضَ مَا نَهَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهُ وَحَرَّمَهُ مِنْ الْعُقُودِ صَحِيحٌ لَازِمٌ مُعْتَدٌّ بِهِ غَيْرُ مَرْدُودٍ، فَهِيَ لَا تُجْمِعُ عَلَى خَطَأٍ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَمِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119] مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ» فَكُلُّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْرِيمَهُ مِنْ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ فَلَا يَجُوزُ تَحْرِيمُهَا، فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - قَدْ فَصَّلَ لَنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، فَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَرَامًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُهُ مُفَصَّلًا، وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبَاحَةُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَحْرِيمُ مَا عَفَا عَنْهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصْلُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ]
الْفَصْلُ الثَّانِي: [لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ]
فِي بَيَانِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَأَنَّ مَا يُظَنُّ مُخَالَفَتُهُ لِلْقِيَاسِ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ فِيهِ وَلَا بُدَّ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقِيَاسُ فَاسِدًا، أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ الْحُكْمُ لَمْ يَثْبُتْ بِالنَّصِّ كَوْنُهُ مِنْ الشَّرْعِ.
وَسَأَلْتُ شَيْخَنَا - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - عَمَّا يَقَعُ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ قَوْلِهِمْ " هَذَا خِلَافُ الْقِيَاسِ " لِمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ أَوْ قَوْلِ الصَّحَابَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَرُبَّمَا كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِمْ: طَهَارَةُ الْمَاءِ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ [عَلَى] خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَتَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَالْوُضُوءُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَالْفِطْرُ بِالْحِجَامَةِ، وَالسَّلَمُ، وَالْإِجَارَةُ، وَالْحَوَالَةُ، وَالْكِتَابَةُ، وَالْمُضَارَبَةُ، وَالْمُزَارَعَةُ، وَالْمُسَاقَاةُ، وَالْقَرْضُ، وَصِحَّةُ صَوْمِ الْآكِلِ النَّاسِي، وَالْمُضِيُّ فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ، كُلُّ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَهَلْ ذَلِكَ صَوَابٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ مَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ، وَأَنَا أَذْكُرُ مَا حَصَّلْتُهُ مِنْ جَوَابِهِ بِخَطِّهِ وَلَفْظِهِ، وَمَا فَتَحَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - لِي بِيُمْنِ إرْشَادِهِ، وَبَرَكَةِ تَعْلِيمِهِ، وَحُسْنِ بَيَانِهِ وَتَفْهِيمِهِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست