responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 295
[فَصَلِّ الْقَرْضُ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]
وَأَمَّا الْقَرْضُ فَمَنْ قَالَ " إنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ " فَشُبْهَتُهُ أَنَّهُ بَيْعٌ رِبَوِيٌّ بِجِنْسِهِ مَعَ تَأَخُّرِ الْقَبْضِ، وَهَذَا غَلَطٌ، فَإِنَّ الْقَرْضَ مِنْ جِنْسِ التَّبَرُّعِ بِالْمَنَافِعِ كَالْعَارِيَّةِ، وَلِهَذَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنِيحَةً فَقَالَ «أَوْ مَنِيحَةَ ذَهَبٍ أَوْ مَنِيحَةَ وَرِقٍ» وَهَذَا مِنْ بَابِ الْإِرْفَاقِ، لَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ، فَإِنَّ بَابَ الْمُعَاوَضَاتِ يُعْطِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلَ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعُودُ إلَيْهِ، وَبَابُ الْقَرْضِ مِنْ جِنْسِ بَابِ الْعَارِيَّةِ وَالْمَنِيحَةِ وَإِفْقَارِ الظَّهْرِ مِمَّا يُعْطِي فِيهِ أَصْلَ الْمَالِ لِيَنْتَفِعَ بِمَا يَسْتَخْلِفُ مِنْهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَنَظِيرُهُ وَمِثْلُهُ، فَتَارَةً يَنْتَفِعُ بِالْمَنَافِعِ كَمَا فِي عَارِيَّةِ الْعَقَارِ وَتَارَةً يَمْنَحُهُ مَاشِيَةً لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا ثُمَّ يُعِيدَهَا أَوْ شَجَرَةً لِيَأْكُلَ ثَمَرَهَا ثُمَّ يُعِيدَهَا، وَتُسَمَّى الْعَرِيَّةَ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: أَعْرَاهُ الشَّجَرَةَ، وَأَعَارَهُ الْمَتَاعَ، وَمَنَحَهُ الشَّاةَ، وَأَفْقَرَهُ الظَّهْرَ، وَأَقْرَضَهُ الدَّرَاهِمَ.
وَاللَّبَنُ وَالثَّمَرُ لَمَّا كَانَ يُسْتَخْلَفُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَنَافِعِ، وَلِهَذَا كَانَ فِي الْوَقْفِ يَجْرِي مَجْرَى الْمَنَافِعِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْبَيْعِ فِي شَيْءٍ، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْإِرْفَاقِ وَالتَّبَرُّعِ وَالصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقْرِضُ قَدْ يَنْتَفِعُ أَيْضًا بِالْقَرْضِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّفْتَجَةِ، وَلِهَذَا كَرِهَهَا مَنْ كَرِهَهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَخُصُّ الْمُقْرِضَ، بَلْ يَنْتَفِعَانِ بِهَا جَمِيعًا.

[فَصَلِّ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]
وَأَمَّا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فَمَنْ قَالَ " إنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ " فَقَوْلُهُ مِنْ أَبْطَلْ الْأَقْوَالِ وَأَفْسَدِهَا، وَشُبْهَتُهُ أَنَّ الْمَاءَ إذَا لَاقَى نَجَاسَةً تَنَجَّسَ بِهَا، ثُمَّ لَاقَى الثَّانِي وَالثَّالِثَ كَذَلِكَ، وَهَلُمَّ جَرًّا، وَالنَّجَسُ لَا يُزِيلُ نَجَاسَةً، وَهَذَا غَلَطٌ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: فَلِمَ قُلْتُمْ: إنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا لَاقَى نَجَاسَةً نَجُسَ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: الْحُكْمُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَذَلِكَ، قِيلَ: هَذَا مَمْنُوعٌ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَيُقَاسَ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَلَى " مَا تَغَيَّرَ.
قِيلَ: هَذَا مِنْ أَبْطَلْ الْقِيَاسِ حِسًّا وَشَرْعًا، وَلَيْسَ جَعْلُ الْإِزَالَةِ مُخَالِفَةً لِلْقِيَاسِ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِ تَنْجِيسِ الْمَاءِ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ " بَلْ يُقَالُ: إنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا لَاقَى نَجَاسَةً لَا يَنْجُسُ، كَمَا أَنَّهُ إذَا لَاقَاهَا حَالَ الْإِزَالَةِ لَا يَنْجُسُ، فَهَذَا الْقِيَاسُ أَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَزُولُ بِالْمَاءِ حِسًّا وَشَرْعًا، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الدِّينِ بِالنَّصِّ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست