responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 302
يَحْصُلُ لَهُ أَمْ لَا؟
وَهَذَا يَتَنَاوَلُ أُمُورًا:
أَحَدُهَا: بَيْعُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ لَيْسَتْ عِنْدَهُ.
الثَّانِي: السَّلَمُ الْحَالُّ فِي الذِّمَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُوَفِّيهِ.
الثَّالِثُ: السَّلَمُ الْمُؤَجَّلُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ تَوْفِيَتِهِ [عَادَةً] ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ تَوْفِيَتِهِ عَادَةً فَهُوَ دَيْنٌ مِنْ الدُّيُونِ، وَهُوَ كَالِابْتِيَاعِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ مُؤَجَّلًا فِي الذِّمَّةِ وَبَيْنَ الْآخَرِ؟ فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] وَهَذَا يَعُمُّ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ مِنْ الْقُرْآنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ فِي الذِّمَّةِ حَلَالٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.
فَثَبَتَ أَنَّ إبَاحَةَ السَّلَمِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَشُرِعَ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ وَأَعْدَلِهَا، فَشُرِطَ فِيهِ قَبْضُ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ، إذْ لَوْ تَأَخَّرَ لَحَصَلَ شُغْلُ الذِّمَّتَيْنِ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ، وَلِهَذَا سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ، فَإِذَا أُخِّرَ الثَّمَنُ دَخَلَ فِي حُكْمِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ بَلْ هُوَ نَفْسُهُ، وَكَثُرَتْ الْمُخَاطَرَةُ، وَدَخَلَتْ الْمُعَامَلَةُ فِي حَدِّ الْغَرَرِ، وَلِذَلِكَ مَنَعَ الشَّارِعُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ كَوْنُهُ مِنْ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَخَلَّفُ فَيَمْتَنِعُ التَّسْلِيمُ.
وَاَلَّذِينَ شَرَطُوا أَنْ يَكُونَ دَائِمَ الْجِنْسِ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ قَصَدُوا بِهِ إبْعَادَهُ مِنْ الْغَرَرِ بِإِمْكَانِ التَّسْلِيمِ، لَكِنْ ضَيَّقُوا مَا وَسَّعَ اللَّهُ، وَشَرَطُوا مَا لَمْ يَشْرِطْهُ، وَخَرَجُوا عَنْ مُوجَبِ الْقِيَاسِ وَالْمَصْلَحَةِ.
أَمَّا الْقِيَاسُ فَإِنَّهُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ دَوَامُهُ وَوُجُودُهُ كَالثَّمَنِ، وَأَمَّا الْمَصْلَحَةُ فَإِنَّ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ تَعْطِيلَ مَصَالِحِ النَّاسِ، إذْ الْحَاجَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا شَرَعَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ السَّلَمَ الِارْتِفَاقُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، هَذَا يَرْتَفِقُ بِتَعْجِيلِ الثَّمَنِ، وَهَذَا يَرْتَفِقُ بِرُخْصِ الثَّمَنِ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ فِي مُنْقَطِعِ الْجِنْسِ كَمَا قَدْ يَكُونُ فِي مُتَّصِلِهِ فَاَلَّذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ أَكْمَلُ شَيْءٍ وَأَقْوَمُهُ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ.

[فَصَلِّ الْكِتَابَةُ تَجْرِي عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ]
وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَمَنْ قَالَ هِيَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ قَالَ: هِيَ بَيْعُ السَّيِّدِ مَالَهُ بِمَالِهِ، وَهَذَا غَلَطٌ، وَإِنَّمَا بَاعَ الْعَبْدَ نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَالسَّيِّدُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي بَدَنِهِ، فَإِنَّ السَّيِّدَ حَقُّهُ فِي مَالِيَّةِ الْعَبْدِ لَا فِي إنْسَانِيَّتِهِ، وَإِنَّمَا يُطَالَبُ الْعَبْدُ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مِلْكَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَالْكِتَابَةُ بَيْعُهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ إذَا اشْتَرَى نَفْسَهُ كَانَ كَسْبُهُ لَهُ وَنَفْعُهُ لَهُ، وَهُوَ حَادِثٌ عَلَى مِلْكِهِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ، وَمِنْ تَمَامِ حِكْمَةِ الشَّارِعِ أَنَّهُ أَخَّرَ فِيهَا الْعِتْقَ إلَى حِينِ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَرْضَ بِخُرُوجِهِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست