responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 72
وَلَوْ عَرَفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ عَلَى وَجْهِهِ لَكَانَ فِيهِ تَمَامُ الْمَصْلَحَةِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ التَّفْرِيطِ وَالْعُدْوَانِ.

[نِصَابُ الشَّهَادَةِ]
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نِصَابَ الشَّهَادَةِ فِي الْقُرْآنِ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ؛ فَذَكَرَ نِصَابَ شَهَادَةِ الزِّنَا أَرْبَعَةً فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَسُورَةِ النُّورِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الزِّنَا فَذَكَرَ شَهَادَةَ الرَّجُلَيْنِ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ؛ فَقَالَ فِي آيَةِ الدَّيْنِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] فَهَذَا فِي التَّحَمُّلِ وَالْوَثِيقَةِ الَّتِي يَحْفَظُ بِهَا صَاحِبُ الْمَالِ حَقَّهُ، لَا فِي طَرِيقِ الْحُكْمِ وَمَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ، فَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ وَهَذَا شَيْءٌ، وَأَمَرَ فِي الرَّجْعَةِ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَأَمَرَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ بِإِشْهَادِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ آخَرَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ هُمْ الْكُفَّارُ، وَالْآيَةُ صَرِيحَةٌ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْكَافِرِينَ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدِينَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةُ بَعْدَهُ وَلَمْ يَجِئْ بَعْدَهَا مَا يَنْسَخُهَا فَإِنَّ الْمَائِدَةَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا، وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ، وَلَيْسَ لِهَذِهِ الْآيَةِ مُعَارِضٌ أَلْبَتَّةَ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَاطَبَ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ كَافَّةً بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] وَلَمْ يُخَاطِبْ بِذَلِكَ قَبِيلَةً مُعَيَّنَةً حَتَّى يَكُونَ قَوْلُهُ: {مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] أَيَّتُهَا الْقَبِيلَةُ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْهَمْ هَذَا مِنْ الْآيَةِ، بَلْ إنَّمَا فَهِمَ مَا هِيَ صَرِيحَةٌ فِيهِ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ مَا يَحْفَظُ بِهِ الْحُقُوقَ مِنْ الشُّهُودِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْحُكَّامَ لَا يَحْكُمُونَ إلَّا بِذَلِكَ، فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ نَفْيُ الْحُكْمِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَا بِالنُّكُولِ، وَلَا بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، وَلَا بِأَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَلَا بِأَيْمَانِ اللِّعَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُبَيِّنَ الْحَقَّ وَيُظْهِرُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْأَمْوَالِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَكَذَلِكَ تَوَابِعُهَا مِنْ الْبَيْعِ، وَالْأَجَلِ فِيهِ، وَالْخِيَارِ فِيهِ، وَالرَّهْنِ، وَالْوَصِيَّةِ لِلْمُعَيَّنِ، وَهِبَتِهِ، وَالْوَقْفِ عَلَيْهِ، وَضَمَانِ الْمَالِ، وَإِتْلَافِهِ، وَدَعْوَى رِقِّ مَجْهُولِ النَّسَبِ، وَتَسْمِيَةِ الْمَهْرِ، وَتَسْمِيَةِ عِوَضِ الْخُلْعِ يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ.
وَتَنَازَعُوا فِي الْعِتْقِ، وَالْوَكَالَةِ فِي الْمَالِ، وَالْإِيصَاءِ إلَيْهِ فِيهِ، وَدَعْوَى قَتْلِ الْكَافِرِ لِاسْتِحْقَاقِ سَلَبِهِ، وَدَعْوَى الْأَسِيرِ الْإِسْلَامَ السَّابِقَ لِمَنْعِ رِقِّهِ، وَجِنَايَةِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ الَّتِي لَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست