responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 83
فُلَانًا، وَفِي تَوْلِيَتِهِ مَضَرَّةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ وَكَذَلِكَ أَمَرَ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَى الْأَمْوَالِ الدَّيْنُ السُّنِّيُّ دُونَ الدَّاعِي إلَى التَّعْطِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ النَّاسَ فِي دِينِهِمْ.
وَسُئِلَ عَنْ رَجُلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْكَى فِي الْعَدُوِّ مَعَ شُرْبِهِ الْخَمْرَ وَالْآخَرُ أَدْيَنُ، فَقَالَ: يُغْزِي مَعَ الْأَنْكَى فِي الْعَدُوِّ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ؛ وَبِهَذَا مَضَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ كَانَ يُوَلِّي الْأَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، كَمَا وَلَّى خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ عَلَى حُرُوبِهِ لِنِكَايَتِهِ فِي الْعَدُوِّ، وَقَدَّمَهُ عَلَى بَعْضِ السَّابِقِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِثْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَهَؤُلَاءِ مِمَّنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ، وَهُمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدِ وَقَاتَلُوا؛ وَخَالِدٌ وَكَانَ مِمَّنْ أَنْفَقَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ، فَإِنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ، ثُمَّ إنَّهُ فَعَلَ مَعَ بَنِي جَذِيمَةَ مَا تَبَرَّأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ حِينَ رَفَعَ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ.
وَقَالَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ» وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَعْزِلْهُ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ مِنْ أَسْبَقِ السَّابِقِينَ وَقَالَ لَهُ «يَا أَبَا ذَرٍّ إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» وَأَمَّرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْصِدُ أَخْوَالَهُ بَنِي عُذْرَةَ فَعَلِمَ أَنَّهُمْ يُطِيعُونَهُ مَا لَا يُطِيعُونَ غَيْرَهُ لِلْقَرَابَةِ؛ وَأَيْضًا فَلِحُسْنِ سِيَاسَةِ عَمْرٍو وَخِبْرَتِهِ وَذَكَائِهِ وَدَهَائِهِ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَدْهَى الْعَرَبِ؛ وَدُهَاةُ الْعَرَبِ أَرْبَعَةٌ هُوَ أَحَدُهُمْ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ وَقَالَ: «تَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا» فَلَمَّا تَنَازَعَا فِيمَنْ يُصَلِّي سَلَّمَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعَمْرٍو؛ فَكَانَ يُصَلِّي بِالطَّائِفَتَيْنِ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ؛ وَأَمَّرَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَكَانَ أَبِيهِ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ - أَحْرِصُ عَلَى طَلَبِ ثَأْرِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدَّمَ أَبَاهُ زَيْدًا فِي الْوِلَايَةِ عَلَى جَعْفَرٍ بْن عَمِّهِ مَعَ أَنَّهُ مَوْلَى، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَسْبَقِ النَّاسِ إسْلَامًا قَبْلَ جَعْفَرٍ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى طَعْنِ النَّاسِ فِي إمَارَةِ أُسَامَةَ وَزَيْدٍ وَقَالَ: «إنْ تَطْعَنُوا فِي إمَارَةِ أُسَامَةَ فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَأَيْمُ اللَّهِ إنْ كَانَ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ وَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ» وَأَمَّرَ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَإِخْوَتَهُ لِأَنَّهُمْ مِنْ كُبَرَاءِ قُرَيْشٍ وِسَادَاتِهِمْ وَمِنْ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَلَمْ يَتَوَلَّ أَحَدٌ بَعْدَهُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَدْيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوْلِيَةُ الْأَنْفَعِ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَالْحُكْمُ بِمَا يُظْهِرُ الْحَقَّ وَيُوَضِّحُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَقْوَى مِنْهُ يُعَارِضُهُ، فَسِيرَتُهُ تَوْلِيَةُ الْأَنْفَعِ وَالْحُكْمُ بِالْأَظْهَرِ، وَلَا يُسْتَطَلْ هَذَا الْفَصْلُ فَإِنَّهُ مِنْ أَنْفَعْ فُصُولِ الْكِتَابِ.

[فَصْلٌ الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ]
فَصْلٌ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست