responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 86
فَالصُّلْحُ الْجَائِزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ هُوَ الَّذِي يُعْتَمَدُ فِيهِ رِضَا اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَرِضَا الْخَصْمَيْنِ؛ فَهَذَا أَعْدَلُ الصُّلْحِ وَأَحَقُّهُ، وَهُوَ يَعْتَمِدُ الْعِلْمَ وَالْعَدْلَ؛ فَيَكُونُ الْمُصْلِحُ عَالِمًا بِالْوَقَائِعِ، عَارِفًا بِالْوَاجِبِ، قَاصِدًا لِلْعَدْلِ، فَدَرَجَةُ هَذَا أَفْضَلُ مِنْ دَرَجَةِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ، أَمَا إنِّي لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ» وَقَدْ جَاءَ فِي أَثَرٍ: أَصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّ اللَّهُ يُصْلِحُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10]

[فَصْلٌ يُؤَجِّلُ الْقَاضِي الْحُكْمَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ]
فَصْلٌ.
[يُؤَجِّلُ الْقَاضِي الْحُكْمَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ]
وَقَوْلُهُ: " مَنْ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً فَاضْرِبْ لَهُ أَمَدًا يَنْتَهِي إلَيْهِ " هَذَا مِنْ تَمَامِ الْعَدْلِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ تَكُونُ حُجَّتُهُ أَوْ بَيِّنَتُهُ غَائِبَةً، فَلَوْ عَجَّلَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ بَطَلَ حَقُّهُ، فَإِذَا سَأَلَ أَمَدًا تَحْضُرُ فِيهِ حُجَّتُهُ أُجِيبَ إلَيْهِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، بَلْ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ ظَهَرَ عِنَادُهُ وَمُدَافَعَتُهُ لِلْحَاكِمِ لَمْ يَضْرِبْ لَهُ أَمَدًا، بَلْ يَفْصِلُ الْحُكُومَةَ، فَإِنَّ ضَرْبَ هَذَا الْأَمَدِ إنَّمَا كَانَ لِتَمَامِ الْعَدْلِ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ إبْطَالٌ لِلْعَدْلِ لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ الْخَصْمُ.

[تَغَيُّرُ الْحُكْم بِتَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ]
. [قَدْ يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِتَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ]
وَقَوْلُهُ: " وَلَا يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْت بِهِ الْيَوْمَ فَرَاجَعْت فِيهِ رَأْيَك وَهُدِيت فِيهِ لِرُشْدِك أَنْ تُرَاجِعَ فِيهِ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، وَلَا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ " يُرِيدُ إنَّكَ إذَا اجْتَهَدْت فِي حُكُومَةٍ ثُمَّ وَقَعَتْ لَك مَرَّةً أُخْرَى فَلَا يَمْنَعُك الِاجْتِهَادُ الْأَوَّلُ مِنْ إعَادَتِهِ، فَإِنَّ الِاجْتِهَادَ قَدْ يَتَغَيَّرُ، وَلَا يَكُونُ الِاجْتِهَادُ الْأَوَّلُ مَانِعًا مِنْ الْعَمَلِ بِالثَّانِي إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ الْحَقُّ، فَإِنَّ الْحَقَّ أَوْلَى بِالْإِيثَارِ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ سَابِقٌ عَلَى الْبَاطِلِ، فَإِنْ كَانَ الِاجْتِهَادُ الْأَوَّلُ قَدْ سَبَقَ الثَّانِي وَالثَّانِي هُوَ الْحَقُّ فَهُوَ أَسْبَقُ مِنْ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ سَابِقٌ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَلَا يُبْطِلُهُ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ عَلَى خِلَافِهِ، بَلْ الرُّجُوعُ إلَيْهِ أَوْلَى مِنْ التَّمَادِي عَلَى الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي امْرَأَةٍ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأُخُوَّتَهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا وَأَخَوَيْهَا لِأُمِّهَا، فَأَشْرَكَ عُمَرُ بَيْنَ الْأُخُوَّةِ لِلْأُمِّ وَالْأَبِ وَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فِي الثُّلُثِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إنَّك لَمْ تُشْرِكْ بَيْنَهُمْ عَامَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ عُمَرُ: تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست