نام کتاب : الأمثال في القرآن نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 26
فصل: ومنها قوله تعالى في تشبيه من أعرض عن كلامه وتدبره: (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ.
كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ.
فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) [119] شبههم في إعراضهم ونفورهم عن القرآن بحمر رأت الأسد والرماة ففرت منه، وهذا من بديع التمثيل [120] فإن القوم من جهلهم بما بعث الله سبحانه رسوله
صلى الله عليه وسلم كالحمر فهي لا تعقل شيئا فإذا سمعت صوت الأسد أو الرامي نفرت منه أشد النفور وهذا غاية الذم لهؤلاء فإنهم نفروا عن الهدى الذي فيه سعادتهم وحياتهم كنفور الحمر عما يهلكها ويعقرها.
وتحت المستنفرة معنى أبلغ من النافرة فإنها لشدة نفورها قد استنفر بعضها بعضا وحضه على النفور فإن في الاستفعال [121] من الطلب قدرا زائدا على الفعل المجرد فكأنها تواصت بالنفور وتواطأت عليه، ومن قرأها بفتح الفاء [122] فالمعنى: أن القسورة استنفرها وحملها على النفور ببأسه وشدته [123] .
فصل: ومنها قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [124] فقاس سبحانه من حمله كتابه ليؤمن به ويتدبره ويعمل به ويدعو إليه ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلب فقرأه به [125] بغير تدبر ولا تفهم ولا اتباع له (ولا) [126] تحكيم له وعمل بموجبه كحمار على ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها وحظه منها حملها على ظهره ليس إلا فحظه [119] المدثر: 49 - 51. [120] في م (القياس والتمثيل) . [121] ع (الاستغفار) . [122] انظر معاني القرآن 3 / 206 وإملاء مامن به الرحمن 2 / 273 والكافي 186. [123] تفسير النسفى 4 / 312. [124] الجمعة: 5. [125] م، ع (فقراءته) . [126] مذيدة من م.
(*)
نام کتاب : الأمثال في القرآن نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 26