نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 303
حتى كأن أهل كل قرن يشاهدون ما يشاهده الأولون أو نظيره كما قال {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} وهذه الإرادة لا تختص بقرن دون قرن بل لا بد أن يري الله سبحانه أهل كل قرن من الآيات ما يبين لهم أنه الله الذي لا إله إلا هو وأن رسله صادقون وآيات الأرض أعظم مما ذكر وأكثر فنبه باليسير منها على الكثير فصل
ثم قال {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} لما كان أقرب الأشياء إلى الإنسان نفسه دعاه خالقه وبارئه ومصوره وفاطره من قطرة ماء إلى التبصر والتفكر في نفسه فإذا تفكر الانسان في نفسه استنارت له آيات الربوبية وسطعت له أنوار اليقين واضمحلت عنه غمرات الشك والريب وانقشعت عنه ظلمات الجهل فإنه إذا نظر في نفسه وجد آثار التدبير فيه قائمات وأدلة التوحيد على ربه ناطقات شاهدة لمدبره دالة عليه مرشدة إليه إذا يجده مكوناً من قطره ماء لحوماً منضدة وعظاما مركبة وأوصالا متعددة مأسورة مشددة بحبال العروق والأعصاب قد قمطت وشدت وجمعت بجلد متين مشتمل على ثلاثمائة وستين مفصلاً ما بين كبير وصغير وثخين ودقيق ومستطيل ومستدير ومستقيم
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 303