responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 48
فَصْلٌ
وَفِي ضِمْنِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ اسْتِحْبَابُ التَّدَاوِي، وَاسْتِحْبَابُ الْحِجَامَةِ، وَأَنَّهَا تَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْحَالُ، وَجَوَازُ احْتِجَامِ الْمُحْرِمِ، وَإِنْ آلَ إِلَى قَطْعِ شَيْءٍ مِنَ الشَّعْرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ نَظَرٌ، وَلَا يَقْوَى الْوُجُوبُ، وَجَوَازُ احْتِجَامِ الصَّائِمِ، فَإِنَّ فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» [1] . وَلَكِنْ هَلْ يُفْطِرُ بِذَلِكَ، أَمْ لَا؟ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، الصَّوَابُ: الْفِطْرُ بِالْحِجَامَةِ، لِصِحَّتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، وَأَصَحُّ مَا يُعَارَضُ بِهِ حَدِيثُ حِجَامَتِهِ وَهُوَ صَائِمٌ؛ وَلَكِنْ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفِطْرِ إلا بعد أربعة أموره أَحَدُهَا: أَنَّ الصَّوْمَ كَانَ فَرْضًا. الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَرَضٌ احْتَاجَ مَعَهُ إِلَى الْحِجَامَةِ. الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ قَوْلِهِ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» [2] .
فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتُ الْأَرْبَعُ، أَمْكَنَ الِاسْتِدْلَالُ بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَقَاءِ الصَّوْمِ مَعَ الْحِجَامَةِ، وَإِلَّا فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ نَفْلًا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِالْحِجَامَةِ وَغَيْرِهَا، أَوْ مِنْ رَمَضَانَ لَكِنَّهُ فِي السَّفَرِ، أَوْ مِنْ رَمَضَانَ فِي الْحَضَرِ، لَكِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا كَمَا تَدْعُو حَاجَةُ مَنْ بِهِ مَرَضٌ إِلَى الْفِطْرِ، أَوْ يَكُونُ فَرْضًا مِنْ رَمَضَانَ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَيْهَا، لَكِنَّهُ مُبْقًى عَلَى الْأَصْلِ. وَقَوْلُهُ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» ، نَاقِلٌ وَمُتَأَخِّرٌ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى إِثْبَاتِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ الْأَرْبَعِ، فَكَيْفَ بِإِثْبَاتِهَا كُلِّهَا.
وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِئْجَارِ الطَّبِيبِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ إِجَارَةٍ، بَلْ يُعْطِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، أَوْ مَا يُرْضِيهِ.
وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّكَسُّبِ بِصِنَاعَةِ الْحِجَامَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَطِيبُ لِلْحُرِّ أَكْلُ أُجْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ أَجْرَهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ أَكْلِهِ، وَتَسْمِيَتُهُ إِيَّاهُ خَبِيثًا كَتَسْمِيَتِهِ لِلثَّوْمِ وَالْبَصَلِ خَبِيثَيْنِ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ تحريمهما.

[1] أخرجه البخاري
[2] أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم عن توبان وهو متواتر: قال القاضي البيضاوي: ذهب إلى ظاهر الخبر جمع فقالوا: بفطرهما منهم أحمد وذهب الأكثر للكراهة، وصحة الصوم، وحملوا الخبر على التشديد، وذهب قوم إلى منسوخ.
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست