responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 100
وَوَرَاءَهُ أَمِيرٌ مَاشٍ، أَوْ مَنْ لَيْسَ مَنْ عَادَتِهِ الْمَشْيُ، فَإِنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ يَدَهُ مُبْطِلَةٌ.
وَكَذَلِكَ الْمُتَّهَمُ بِالسَّرِقَةِ إذَا شُوهِدَتْ الْعُمْلَةُ مَعَهُ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا كَمَا إذَا رُئِيَ مَعَهُ الْقُمَاشُ وَالْجَوَاهِرُ وَنَحْوُهَا، مِمَّا لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ، فَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِي يَدِهِ: لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى تِلْكَ الْيَدِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ يَدٍ تَدُلُّ الْقَرَائِنُ الظَّاهِرَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْقَطْعَ، أَوْ تَكَادُ أَنَّهَا يَدٌ مُبْطِلَةٌ، لَا حُكْمَ لَهَا، وَلَا يُقْضَى بِهَا. فَإِذَا قَضَيْنَا بِالْيَدِ، فَإِنَّمَا نَقْضِي بِهَا إذَا لَمْ يُعَارِضْهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا.
وَإِذَا كَانَتْ الْيَدُ تُرْفَعُ بِالنُّكُولِ، وَبِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ مَعَ الْيَمِينِ، وَبِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، فَلَأَنْ تُرْفَعَ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. فَهَذَا مِمَّا لَا يَرْتَابُ فِيهِ: أَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْعَدْلِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ، وَوَضَعَهُ بَيْنَ عِبَادِهِ. فَالْأَيْدِي ثَلَاثٌ:
الْأُولَى: يَدٌ يَعْلَمُ أَنَّهَا مُبْطِلَةٌ ظَالِمَةٌ، فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا.
الثَّانِيَةُ: يَدٌ يَعْلَمُ أَنَّهَا مُحِقَّةٌ عَادِلَةٌ، فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهَا، كَمَنْ تُشَاهَدُ فِي يَدِهِ دَارٌ يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِأَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ مِنْ عِمَارَةٍ وَخَرَابٍ وَإِجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ مُدَّةً طَوِيلَةً مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ وَلَا مُطَالِبٍ، مَعَ عَدَمِ سَطْوَتِهِ وَشَوْكَتِهِ، فَجَاءَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ - وَهُوَ يُشَاهِدُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَيُمْكِنُهُ طَلَبُ خَلَاصِهَا مِنْهُ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ - فَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ فِيهِ كَذِبُ الْمُدَّعِي، وَأَنَّ يَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُحِقَّةٌ. هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَالُوا: إذَا رَأَيْنَا رَجُلًا حَائِزًا لِدَارٍ مُتَصَرِّفًا فِيهَا مُدَّةَ سِنِينَ طَوِيلَةٍ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ، وَالْإِجَارَةِ وَالْعِمَارَةِ، وَهُوَ يَنْسُبُهَا إلَى نَفْسِهِ، وَيُضِيفُهَا إلَى مِلْكِهِ، وَإِنْسَانٌ حَاضِرٌ يَرَاهُ، وَيُشَاهِدُ أَفْعَالَهُ فِيهَا طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يُعَارِضُهُ فِيهَا، وَلَا يَذْكُرُ أَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا، وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُهُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ: مِنْ خَوْفِ سُلْطَانٍ، أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الضَّرَرِ الْمَانِعِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْحُقُوقِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَصَرِّفِ فِي الدَّارِ قَرَابَةٌ، وَلَا شَرِكَةٌ فِي مِيرَاثٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، مِمَّا تَتَسَامَحُ بِهِ الْقَرَابَاتِ وَالصِّهْرِ بَيْنَهُمْ فِي إضَافَةِ أَحَدِهِمْ أَمْوَالَ الشَّرِكَةِ إلَى نَفْسِهِ، بَلْ كَانَ عُرْيًا عَنْ ذَلِكَ أَجْمَعَ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ طُولِ هَذِهِ الْمُدَّةِ يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ، وَيُرِيدُ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ، فَدَعْوَاهُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ أَصْلًا، فَضْلًا عَنْ يَمِينِهِ.
وَتَبْقَى الدَّارُ فِي يَدِ حَائِزِهَا لِأَنَّ كُلَّ دَعْوَى يَنْفِيهَا الْعُرْفُ وَتُكَذِّبُهَا الْعَادَةُ فَإِنَّهَا مَرْفُوضَةٌ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ.

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست