responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 107
فَلَا أَحْسَنَ مِمَّا قَضَى بِهِ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْحَقُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ، مُحْتَجًّا لِمَذْهَبِهِ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ نُكُولَ النَّاكِلِ عَنْ الْيَمِينِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَيْهِ، يُوجِبُ أَيْضًا عَلَيْهِ حُكْمًا، وَهُوَ الْأَدَبُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى كُلِّ مَنْ أَتَى مُنْكَرًا يُوجِبُ تَغْيِيرَهُ بِالْيَدِ. فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ يَكُونُ مَعْذُورًا فِي نُكُولِهِ، غَيْرَ آثِمٍ بِهِ، بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ وَيَكُونُ قَدْ وَفَّاهُ، وَلَا يَرْضَى مِنْهُ إلَّا بِالْجَوَابِ عَلَى وَفْقِ الدَّعْوَى. وَقَدْ يَتَحَرَّجُ مِنْ الْحَلِفِ، مَخَافَةَ مُوَافَقَةِ قَضَاءٍ وَقَدَرٍ، كَمَا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ.
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْبَسَ حَتَّى يَحْلِفَ. وَقَوْلُهُمْ: " إنَّ هَذَا مُنْكَرٌ يَجِبُ تَغْيِيرُهُ بِالْيَدِ " كَلَامٌ بَاطِلٌ، فَإِنَّ تَوَرُّعَهُ عَنْ الْيَمِينِ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ، بَلْ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا أَوْ جَائِزًا، وَقَدْ يَكُونُ مَعْصِيَةً.
وَقَوْلُهُمْ: " إنَّ الْحَلِفَ حَقٌّ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَبَى أَنْ يَقُومَ بِهِ ضُرِبَ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ " فَيُقَالُ: إنَّ فِي الْيَمِينِ حَقًّا لَهُ وَحَقًّا عَلَيْهِ. فَإِنَّ الشَّارِعَ مَكَّنَهُ مِنْ التَّخَلُّصِ مِنْ الدَّعْوَى بِالْيَمِينِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ فَقَدْ امْتَنَعَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ، وَامْتَنَعَ مِنْ تَخْلِيصِ نَفْسِهِ مِنْ خَصْمِهِ بِالْيَمِينِ. فَقِيلَ: يُحْبَسُ أَوْ يُضْرَبُ، حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ، وَقِيلَ: يُقْضَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْمُدَّعَى. وَقِيلَ: تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي. وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
وَقَوْلٌ رَابِعٌ بِالتَّفْصِيلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا. وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ خَامِسٌ: وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي مُتَّهَمًا: رُدَّتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا قُضِيَ عَلَيْهِ بِنُكُولِ خَصْمِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ: يُحْكَى عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَلَهُ حَظٌّ فِي الْفِقْهِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ، فَإِذَا نَكَلَ خَصْمُهُ قَوِيَ ظَنُّ صِدْقِهِ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى الْيَمِينِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَّهَمًا لَمْ يَبْقَ مَعَنَا إلَّا مُجَرَّدَ النُّكُولِ، فَقَوَّيْنَاهُ بِرَدِّ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ.

[فَصَلِّ يَمِين الْمُدَّعِي هَلْ هِيَ كَالْبَيِّنَةِ أُمّ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]
50 - (فَصْلٌ)
إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَهَلْ تَكُونُ يَمِينُهُ كَالْبَيِّنَةِ، أَمْ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ: أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ. فَعَلَى هَذَا: لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ بَعْدَ مَا حَلَفَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ قِيلَ: يَمِينُهُ كَالْبَيِّنَةِ سُمِعَتْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَإِنْ قِيلَ: هِيَ كَالْإِقْرَارِ لَمْ تُسْمَعْ، لِكَوْنِهَا مُكَذِّبَةً لِلْبَيِّنَةِ بِالْإِقْرَارِ.

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست