responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 110
فَأَتِمُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ، ذَوَا عَدْلٍ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» .
وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ الْمَنْطُوقِ، وَمِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ فِيهِ تَفْصِيلٌ: وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ هِلَالُ شَوَّالٍ، فَيُشْتَرَطُ شَاهِدَانِ بِهَذَا النَّصِّ. وَإِنْ كَانَ هِلَالُ رَمَضَانَ: كَفَى وَاحِدٌ بِالنَّصَّيْنِ الْآخَرَيْنِ، وَلَا يَقْوَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عُمُومِ الْمَفْهُومِ عَلَى مُعَارَضَةِ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ. وَأُصُولُ الشَّرْعِ تَشْهَدُ لِلِاكْتِفَاءِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ عَنْ دُخُولِ وَقْتِ الْعِبَادَةِ. فَاكْتَفَى فِيهِ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، كَالْإِخْبَارِ عَنْ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِالْأَذَانِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: إنْ كَانَ الرَّائِي فِي جَمَاعَةٍ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا شَهَادَةُ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ انْفِرَادُ الْوَاحِدِ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بِالرُّؤْيَةِ، فَإِذَا شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ: غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَدِمَ، قُبِلَ قَوْلُهُ وَحْدَهُ، لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي السَّفَرِ وَحْدَهُ، أَوْ يَتَشَاغَلُ رُفْقَتُهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ، فَيَرَاهُ هُوَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ أَوْ غَيْمٌ أَوْ غُبَارٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، مِمَّا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ، وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَتُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ إذَا تَابَ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ. قَالَ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا شَهَادَةُ جَمْعٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، وَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْي الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، لِأَنَّ الْمَطَالِعَ مُتَّحِدَةٌ، وَالْمَوَانِعَ مُرْتَفِعَةٌ، وَالْأَبْصَارَ صَحِيحَةٌ، وَالدَّوَاعِيَ عَلَى طَلَبِ الرُّؤْيَةِ مُتَوَفِّرَةٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالرُّؤْيَةِ النَّفَرُ الْقَلِيلُ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ تَكْفِي شَهَادَةُ الِاثْنَيْنِ. قَالُوا: وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ، وَشَهِدَ بِهِ قُبِلَ، وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى مُرْتَفِعٍ فِي الْبَلَدِ كَالْمَنَارَةِ وَنَحْوِهَا، إذْ الرُّؤْيَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ صَفَاءِ الْجَوِّ وَكَدَرِهِ، وَبِاخْتِلَافِ ارْتِفَاعِ الْمَكَانِ وَهُبُوطِهِ. وَالصَّحِيحُ: قَبُولُ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثَا ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الرُّؤْيَةَ كَمَا تَخْتَلِفُ بِأَسْبَابٍ خَارِجَةٍ عَنْ الرَّائِي، فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ بِأَسْبَابٍ مِنْ الرَّائِينَ، كَحِدَةِ الْبَصَرِ وَكَلَالِهِ. وَقَدْ شَاهَدَ النَّاسُ الْجَمْعَ الْعَظِيمَ يَتَرَاءَوْنَ الْهِلَالَ، فَيَرَاهُ الْآحَادُ مِنْهُمْ، وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَرَوْنَهُ، وَلَا يُعَدُّ انْفِرَادُ الْوَاحِدِ بِالرُّؤْيَةِ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ كَاذِبًا.
وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ، فَتَرَاءَوْا هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، فَرَآهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَرَهُ عُمَرُ، فَجَعَلَ يَقُولُ " أَلَا تَرَاهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: سَأَرَاهُ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ عَلَى فِرَاشِي ".
53 - (فَصْلٌ)

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست