responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 197
أَحَدُهُمَا: ثُبُوتُ النَّسَبِ بِالْقُرْعَةِ.
وَالثَّانِي: إلْزَامُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ لِلْآخَرِ. فَمَنْ صَحَّحَ الْحَدِيثَ وَنَفَى الْحُكْمَ وَالتَّعْلِيلَ - كَبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ - قَالَ بِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى مَعْنًى وَلَا عِلَّةٍ وَلَا حِكْمَةٍ، وَقَالَ: لَيْسَ هُنَا إلَّا التَّسْلِيمُ وَالِانْقِيَادُ. وَأَمَّا مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ التَّعْلِيلِ وَالْحِكْمَةِ، فَقَدْ يَقُولُ: إنَّهُ إذَا تَعَذَّرَتْ الْقَافَةُ وَأَشْكَلَ الْأَمْرُ عَلَيْهَا: كَانَ الْمَصِيرُ إلَى الْقُرْعَةِ أَوْلَى مِنْ ضَيَاعِ نَسَبِ الْوَلَدِ، وَتَرْكِهِ هَمْلًا لَا نَسَبَ لَهُ، وَهُوَ يَنْظُرُ إلَى نَاكِحِ أُمِّهِ وَوَاطِئِهَا، فَالْقُرْعَةُ هَاهُنَا أَقْرَبُ الطُّرُقِ إلَى إثْبَاتِ النَّسَبِ، فَإِنَّهَا طَرِيقٌ شَرْعِيٌّ، وَقَدْ سُدَّتْ الطُّرُقُ سِوَاهَا، وَإِذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِتَعْيِينِ الْأَمْلَاكِ الْمُطْلَقَةِ، وَتَعْيِينِ الرَّقِيقِ مِنْ الْحُرِّ، وَتَعْيِينِ الزَّوْجَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ، فَكَيْفَ لَا تَصْلُحُ لِتَعْيِينِ صَاحِبِ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ؟ .
وَالْمَعْلُومُ أَنَّ طُرُقَ حِفْظِ الْأَنْسَابِ أَوْسَعُ مِنْ طُرُقِ حِفْظِ الْأَمْوَالِ، وَالشَّارِعُ إلَى ذَلِكَ أَعْظَمُ تَشَوُّفًا، فَالْقُرْعَةُ شُرِعَتْ لِإِخْرَاجِ الْمُسْتَحَقِّ تَارَةً، وَلِتَعْيِينِهِ تَارَةً، هَاهُنَا أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ هُوَ أَبُوهُ حَقِيقَةً، فَعَمِلَتْ الْقُرْعَةُ فِي تَعْيِينِهِ، كَمَا عَمِلَتْ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجَةِ عِنْدَ اشْتِبَاهِهَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ، فَالْقُرْعَةُ تُخْرِجُ الْمُسْتَحَقَّ شَرْعًا، كَمَا تُخْرِجُهُ قَدْرًا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَقْرِيرِ صِحَّتِهَا وَاعْتِبَارِهَا مَا فِيهِ شِفَاءٌ، فَلَا اسْتِبْعَادَ فِي الْإِلْحَاقِ بِهَا عِنْدَ تَعَيُّنِهَا طَرِيقًا، بَلْ خِلَافُ ذَلِكَ، هُوَ الْمُسْتَبْعَدُ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: إلْزَامُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ لِصَاحِبِهِ، وَلِهَذَا أَيْضًا وَجْهٌ، فَإِنْ وَطِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ كَانَ صَالِحًا لِحُصُولِ الْوَلَدِ لَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِأَحَدِهِمْ: أَبْطَلَتْ مَا كَانَ مِنْ الْوَاطِئَيْنِ مِنْ حُصُولِ الْوَلَدِ لَهُ، فَقَدْ بَذَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ بَذْرًا يَرْجُو بِهِ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ لَهُ، فَقَدْ اشْتَرَكُوا فِي الْبَذْرِ، فَإِذَا فَازَ أَحَدُهُمْ بِالزَّرْعِ: كَانَ مِنْ الْعَدْلِ أَنْ يَضْمَنَ لِصَاحِبَيْهِ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةُ قِيمَةُ الْوَلَدِ شَرْعًا، فَلَزِمَهُ ضَمَانُ ثُلُثَيْهَا لِصَاحِبَيْهِ، إذْ الثُّلُثَانِ عِوَضُ ثُلُثَيْ الْوَلَدِ الَّذِي اسْتَبَدَّ بِهِ دُونَهُمَا، مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ حُصُولِهِ. وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي يُثْبِتُونَهَا بِآرَائِهِمْ وَأَقْيِسَتِهِمْ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَظْهَرُ.
وَقَدْ اعْتَبَرَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِثْلَ ذَلِكَ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ، حَيْثُ حَكَمُوا بِحُرِّيَّتِهِ، وَأَلْزَمُوا الْوَاطِئَ فِدَاءَهُ بِمِثْلِهِ لِمَا فَوَّتَ رِقَّهُ عَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ، هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ سَيِّدِهَا هُنَا كَوَطْءٍ يَكُونُ مِنْهُ وَلَدٌ، بَلْ الزَّوْجُ وَحْدَهُ هُوَ الْوَاطِئُ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ تَابِعًا لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ: كَانَ بِصَدَدِ أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا لِسَيِّدِهَا، فَلَمَّا فَاتَهُ ذَلِكَ - بِانْعِقَادِ الْوَلَدِ حُرًّا مِنْ أَمَتِهِ - أَلْزَمُوا الْوَاطِئَ بِأَنْ يَغْرَمَ لَهُ نَظِيرَهُ، وَلَمْ يُلْزِمُوهُ بِالدِّيَةِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا فَوَّتَ عَلَيْهِ رَقِيقًا، وَلَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ حُرًّا، وَفِي قِصَّةِ عَلِيٍّ: كَانَ

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست