responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 211
نَهَى عَنْهُ: هُوَ الظُّلْمُ: فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ لِرَبِّ الْأَرْضِ زَرْعَ بُقْعَةٍ بِعَيْنِهَا، وَيَشْتَرِطُونَ مَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ وَشَيْئًا مِنْ التِّبْنِ يَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ، وَيَقْتَسِمَانِ الْبَاقِيَ.
وَهَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ الْمُعَامَلَةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعَدْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَهَذِهِ الْمُعَامَلَاتُ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارَكَاتِ، لَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَالْمُشَارَكَةُ الْعَادِلَةُ: هِيَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ جُزْءٌ شَائِعٌ، فَإِذَا جُعِلَ لِأَحَدِهِمَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَانَ ظُلْمًا.
فَهَذَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ: أَمَرَ إذَا نَظَرَ ذُو الْبَصِيرَةِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فِيهِ: عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا مَا فَعَلَهُ هُوَ وَفَعَلَهُ خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ وَالصَّحَابَةُ: فَهُوَ الْعَدْلُ الْمَحْضُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِي جَوَازِهِ.
106 - (فَصْلٌ)
وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ: أَنَّ هَذِهِ الْمُشَارَكَاتِ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ، فَقَالُوا: الْقِيَاسُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا.
ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَ الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ، وَأَبَاحَ الْمُضَارَبَةَ، اسْتِحْسَانًا لِلْحَاجَةِ، لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تُؤَجَّرُ، كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَ الْمُسَاقَاةَ: إمَّا مُطْلَقًا، كَقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، أَوْ عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ خَاصَّةً، كَالْجَدِيدِ لَهُ، لِأَنَّ الشَّجَرَ لَا تُمْكِنُ إجَارَتُهُ، بِخِلَافِ الْأَرْضِ، وَأَبَاحَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ.
ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ ذَلِكَ بِالثُّلُثِ، كَقَوْلِ مَالِكٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ كَوْنَ الْأَرْضِ أَغْلَبَ، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ، فَقَالُوا: لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ فِي شَيْءٍ، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْمُشَارَكَاتِ، الَّتِي مَقْصُودُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِثْلُ مَقْصُودِ صَاحِبِهِ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، فَإِنَّ هَذَا مَقْصُودُهُ الْعَمَلُ، وَهَذَا مَقْصُودُهُ الْأُجْرَةُ؛ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْمُشَارَكَاتِ إذَا فَسَدَتْ وَجَبَ فِيهَا نَصِيبُ الْمِثْلِ، لَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَيَجِبُ مِنْ الرِّبْحِ وَالنَّمَاءِ فِي فَاسِدِهَا نَظِيرُ مَا يَجِبُ فِي صَحِيحِهَا، لَا أُجْرَةٌ مُقَدَّرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ وَلَا نَمَاءٌ: لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، فَإِنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَدْ تَسْتَغْرِقُ رَأْسَ الْمَالِ وَأَضْعَافَهُ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ، فَإِنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ: أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْفَاسِدِ مِنْ الْعُقُودِ نَظِيرُ مَا يَجِبُ فِي الصَّحِيحِ مِنْهَا، كَمَا يَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا يَجِبُ فِي الصَّحِيحِ، وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا فَاتَ: ثَمَنُ الْمِثْلِ، وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ: رِبْحُ الْمِثْلِ، وَفِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ:

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست