responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 22
ادَّعَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ.
وَهَكَذَا سَائِرُ مَنْ قُلْنَا " الْقَوْلُ قَوْلُهُ " إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ شَاهِدُ الْحَالِ، فَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَلِهَذَا يُكَذَّبُ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ، إذَا ادَّعَيَا أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَوْ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ هَلَكَتْ فِي الْحَرِيقِ، أَوْ تَحْتَ الْهَدْمِ، أَوْ فِي نَهْبِ الْعَيَّارِينَ وَنَحْوِهِمْ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ إلَّا إذَا تَحَقَّقْنَا وُجُودَ هَذِهِ الْأَسْبَابِ، فَأَمَّا إذَا عَلِمْنَا انْتِفَاءَهَا فَإِنَّا نَجْزِمُ بِكَذِبِهِمْ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ.
وَهَذَا مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ لِمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ، لِعِلْمِنَا بِكَذِبِ الزَّوْجَةِ فِي الْإِنْكَارِ، وَكَوْنِ الْأَصْلِ مَعَهَا مِثْلَ كَوْنِ الْأَصْلِ قَبُولَ قَوْلِ الْأُمَنَاءِ، إلَّا حَيْثُ يُكَذِّبُهُمْ الظَّاهِرُ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُمْ قَالُوا فِي تَدَاعِي الْعَيْبِ: هَلْ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ حَدَثَ عِنْد الْمُشْتَرِي؟ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَدُلُّ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ فَإِنْ احْتَمَلَتْ الْحَالُ صِدْقَهُمَا فَفِيهَا قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي مَا يُسَوِّغُ فَسْخَ الْعَقْدِ بَعْدَ تَمَامِهِ وَلُزُومِهِ، وَالْبَائِعَ يُنْكِرُهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ مَنَعُوا سَمَاعَ الدَّعْوَى الَّتِي لَا تُشْبِهُ الصِّدْقَ، وَلَمْ يُحَلِّفُوا لَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، نَظَرًا إلَى الْأَمَارَاتِ وَالْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ أَصْحَابَنَا وَغَيْرَهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ، جَوَّزُوا لِلرَّجُلِ أَنْ يُلَاعِنَ امْرَأَتَهُ، فَيَشْهَدُ عَلَيْهَا بِالزِّنَا مُؤَكِّدًا لِشَهَادَتِهِ بِالْيَمِينِ، إذَا رَأَى رَجُلًا يُعْرَفُ بِالْفُجُورِ يَدْخُلُ إلَيْهَا وَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهَا، نَظَرًا إلَى الْأَمَارَاتِ وَالْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُونَ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ، وَالصَّانِعِينَ لِمَتَاعِ الْبَيْتِ وَالدُّكَّانِ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مِنْ يَدُلُّ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ، وَالصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْيَدِ الْحِسِّيَّةِ، بَلْ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا.
وَلَوْ اعْتَبَرْنَاهَا لَاعْتَبَرْنَا يَدَ الْخَاطِفِ لِعِمَامَةِ غَيْرِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ وَآخَرُ خَلْفَهُ حَاسِرَ الرَّأْسِ وَنَحْنُ نَقْطَعُ بِأَنَّ هَذِهِ يَدٌ ظَالِمَةٌ عَادِيَةٌ، فَلَا اعْتِبَارَ لَهَا، وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ، مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ.
وَقَوْلُهُ هُوَ الرَّاجِحُ فِي الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الرَّهْنَ بَدَلًا مِنْ الْكِتَابِ وَالشُّهُودِ، فَكَأَنَّهُ نَاطِقٌ بِقَدْرِ الْحَقِّ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ وَثِيقَةً، وَلَا جُعِلَ بَدَلًا مِنْ الْكِتَابِ وَالشَّاهِدِ، فَدَلَالَةُ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَهُ عَلَى قِيمَتِهِ أَوْ مَا يُقَارِبُهَا، وَشَاهِدُ الْحَالِ يُكَذِّبُ الرَّاهِنَ إذَا قَالَ: رَهَنْت عِنْدَهُ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى دِرْهَمٍ وَنَحْوِهِ، فَلَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الرِّكَازِ: إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْكُفَّارِ فَهُوَ رِكَازٌ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً، جَازَ لَهُ ضَرْبُهَا إذَا حَرَنَتْ فِي السَّيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ مَالِكَهَا.

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست