responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 222
وَفِي " السُّنَنِ ": «أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، وَكَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ يَتَضَرَّرُ بِدُخُولِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ، فَشَكَا ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَدَلَهَا، أَوْ يَتَبَرَّعَ لَهُ بِهَا، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَأَذِنَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَهَا، وَقَالَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ: إنَّمَا أَنْتَ مُضَارٌّ» . وَصَاحِبُ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ يَقُولُ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ شَجَرَتَهُ، وَلَا يَتَبَرَّعُ بِهَا، وَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَهَا، لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِجْبَارٌ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهِ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهَا أَنْ يَبِيعَهَا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِخَلَاصِهِ مِنْ تَأَذِّيه بِدُخُولِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ، وَمَصْلَحَةِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ يَسِيرٌ، فَضَرَرُ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِبَقَائِهَا فِي بُسْتَانِهِ أَعْظَمُ، فَإِنَّ الشَّارِعَ الْحَكِيمَ يَدْفَعُ أَعْظَمَ الضَّرَرَيْنِ بِأَيْسَرِهِمَا، فَهَذَا هُوَ الْفِقْهُ وَالْقِيَاسُ وَالْمَصْلَحَةُ، وَإِنْ أَبَاهُ مَنْ أَبَاهُ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْبَيْعِ عِنْدَ حَاجَةِ الْمُشْتَرِي، وَأَيْنَ هَذَا مِنْ حَاجَةِ عُمُومِ النَّاسِ إلَى الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ؟ وَالْحُكْمُ فِي الْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ إذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَيْهَا - كَمَنَافِعِ الدُّورِ، وَالطَّحْنِ، وَالْخَبْزِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ - حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ. وَجِمَاعُ الْأَمْرِ: أَنَّ مَصْلَحَةَ النَّاسِ إذَا لَمْ تَتِمَّ إلَّا بِالتَّسْعِيرِ.
سَعَّرَ عَلَيْهِمْ تَسْعِيرَ عَدْلٍ، لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ، وَإِذَا انْدَفَعَتْ حَاجَتُهُمْ وَقَامَتْ مَصْلَحَتُهُمْ بِدُونِهِ: لَمْ يَفْعَلْ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصَلِّ فِي حُكْم الْوَلِيّ بالأمارات والعلامات الظَّاهِرَة وَالْقَرَائِن الْبَيِّنَة]
112 - (فَصْلٌ)
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ هَذِهِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ: لَهَا طُرُقٌ شَرْعِيَّةٌ، لَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ الْأُمَّةِ إلَّا بِهَا، وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ تَوَقَّفَتْ عَلَى ذَلِكَ: فَسَدَتْ مَصَالِحُ الْأُمَّةِ، وَاخْتَلَّ النِّظَامُ، بَلْ يَحْكُمُ فِيهَا مُتَوَلِّي ذَلِكَ بِالْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْقَرَائِنِ الْبَيِّنَةِ.
وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ، لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّ " اللَّهَ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ " فَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَاجِبَةٌ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ. وَالْعُقُوبَةُ تَكُونُ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ، أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ.
وَالْعُقُوبَاتُ - كَمَا تَقَدَّمَ - مِنْهَا مَا هُوَ مُقَدَّرٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، وَتَخْتَلِفُ مَقَادِيرُهَا

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست