responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 235
التَّابِعِينَ؟ وَأَغْلَظَ وَشَدَّدَ فِي أَمْرِهِ، وَقَالَ: انْهَوْا النَّاسَ عَنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالْحَدِيثِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: مَا كَتَبْتُ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ الْمَوْضُوعَةِ شَيْئًا قَطُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الْمُسْتَمْلِي: سَأَلَ أَحْمَدَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَكْتُبُ كُتُبَ الرَّأْيِ؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، عَلَيْك بِالْحَدِيثِ وَالْآثَارِ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَدْ كَتَبَهَا، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ لَمْ يَنْزِلْ مِنْ السَّمَاءِ، إنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ الْعِلْمَ مِنْ فَوْقٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْت أَبِي - وَذَكَرَ وَضْعَ الْكُتُبِ - فَقَالَ: أَكْرَهُهَا، هَذَا أَبُو فُلَانٍ وَضَعَ كِتَابًا، فَجَاءَهُ أَبُو فُلَانٍ فَوَضَعَ كِتَابًا، وَجَاءَ فُلَانٌ فَوَضَعَ كِتَابًا، فَهَذَا لَا انْقِضَاءَ لَهُ، كُلَّمَا جَاءَ رَجُلٌ وَضَعَ كِتَابًا، وَهَذِهِ الْكُتُبُ وَضْعُهَا بِدْعَةٌ، كُلَّمَا جَاءَ رَجُلٌ وَضَعَ كِتَابًا، وَتَرَكَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، لَيْسَ إلَّا الِاتِّبَاعُ وَالسُّنَنُ، وَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، وَعَابَ وَضْعَ الْكُتُبِ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً.
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَضَعُونَ الْبِدَعَ فِي كُتُبِهِمْ، إنَّمَا أُحَذِّرُ عَنْهَا أَشَدَّ التَّحْذِيرِ، قُلْت: إنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ بِمَالِكٍ: أَنَّهُ وَضَعَ كِتَابًا؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا ابْنُ عَوْنٍ وَالتَّيْمِيُّ وَيُونُسُ وَأَيُّوبُ: هَلْ وَضَعُوا كِتَابًا؟ هَلْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ هَؤُلَاءِ؟ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ، فَكَيْفَ الرَّأْيَ؟ وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا، قَدْ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.
وَمَسْأَلَةُ وَضْعِ الْكُتُبِ: فِيهَا تَفْصِيلٌ، لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ، وَإِنَّمَا كَرِهَ أَحْمَدُ ذَلِكَ، وَمَنَعَ مِنْهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِهِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فَإِذَا كَانَتْ الْكُتُبُ مُتَضَمِّنَةً لِنَصْرِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالذَّبِّ عَنْهُمَا، وَإِبْطَالٍ لِلْآرَاءِ وَالْمَذَاهِبِ الْمُخَالِفَةِ لَهُمَا فَلَا بَأْسَ بِهَا، وَقَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً وَمُسْتَحَبَّةً وَمُبَاحَةً، بِحَسَبِ اقْتِضَاءِ الْحَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ هَذِهِ الْكُتُبَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الْكَذِبِ وَالْبِدْعَةِ يَجِبُ إتْلَافُهَا وَإِعْدَامُهَا، وَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ إتْلَافِ آلَاتِ اللَّهْوِ وَالْمَعَازِفِ، وَإِتْلَافِ آنِيَةِ الْخَمْرِ، فَإِنَّ ضَرَرَهَا أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ هَذِهِ، وَلَا ضَمَانَ فِيهَا، كَمَا لَا ضَمَانَ فِي كَسْرِ أَوَانِي الْخَمْرِ وَشَقِّ زِقَاقِهَا.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لَوْ رَأَيْتُ مُسْكِرًا فِي قِنِّينَةٍ أَوْ قِرْبَةٍ تُكْسَرُ، أَوْ تُصَبُّ؟ قَالَ: تُكْسَرُ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: قُلْتُ نَمُرُّ عَلَى الْمُسْكِرِ الْقَلِيلِ أَوْ الْكَثِيرِ: أَكْسِرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ تَكْسِرُهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَلْقَى رَجُلًا وَمَعَهُ قِرْبَةٌ مُغَطَّاةٌ؟ قَالَ: بِرِيبَةٍ؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَ تَكْسِرُهَا.

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست