responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 87
وَجَعَلَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْحَبَلَ عَلَامَةً وَآيَةً عَلَى الزِّنَا فَحَدُّوا بِهِ الْمَرْأَةَ وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ، وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ، بَلْ جَعَلُوا الْحَبَلَ أَصْدَقَ مِنْ الشَّهَادَةِ، وَجَعَلُوا رَائِحَةَ الْخَمْرِ وَقَيْئِهِ لَهَا: آيَةً وَعَلَامَةً عَلَى شُرْبِهَا، بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ وَالشَّاهِدَيْنِ.
وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْرَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ عَشْرَ جَزَائِرَ أَوْ تِسْعًا: آيَةً وَعَلَامَةً عَلَى كَوْنِهِمْ مَا بَيْنَ الْأَلْفِ وَالتِّسْعِمِائَةِ، فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ بِهَذَا الْقَدْرِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْعَلَامَةِ.
وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثْرَةَ الْمَالِ وَقِصَرِ مُدَّةِ إنْفَاقِهِ: آيَةً وَعَلَامَةً عَلَى كَذِبِ الْمُدَّعِي لِذَهَابِهِ فِي النَّفَقَةِ وَالنَّوَائِبِ فِي قِصَّةِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ وَأَجَازَ الْعُقُوبَةَ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْعَلَامَةِ، وَاعْتَبَرَ الْعَلَامَةُ فِي السَّيْفِ وَظُهُورِ أَثَرِ الدَّمِ بِهِ فِي الْحُكْمِ بِالسَّلْبِ لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، وَنَزَّلَ الْأَثَرَ مَنْزِلَةَ بَيِّنَةٍ.
وَاعْتَبَرَ الْعَلَامَةَ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ، وَقَالَ: «أَنْظِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ» فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ لِهَذِهِ الْعَلَامَاتِ وَالصِّفَاتِ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ لَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِهِ، وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ، وَلَا كَانَتْ الْمُلَاعَنَةُ فِرَاشًا لَهُ.
وَاعْتَبَرَ نَبَاتَ الشَّعْرِ حَوْلَ الْقُبُلِ فِي الْبُلُوغِ، وَجَعَلَهُ آيَةً وَعَلَامَةً لَهُ، فَكَانَ يَقْتُلُ مِنْ الْأَسْرَى يَوْمَ قُرَيْظَةَ مَنْ وَجَدَهُ فِي تِلْكَ الْعَلَامَةِ، وَيَسْتَبْقِي مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ، وَلِهَذَا جَعَلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ - كَالشَّافِعِيِّ - عَلَامَةً فِي حَقِّ الْكُفَّارِ خَاصَّةً.
وَجَعَلَ الْحَيْضَ عَلَامَةً عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ، فَجَوَّزَ وَطْءَ الْأَمَةِ الْمَسْبِيَّةِ إذَا حَاضَتْ حَيْضَةً، لِوُجُودِ عَلَامَةِ خُلُوِّهَا مِنْ الْحَبَلِ، فَلَمَّا مَنَعَ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ الْحَامِلِ، وَجَوَّزَ وَطْأَهَا إذَا حَاضَتْ، كَانَ ذَلِكَ اعْتِبَارًا لِهَذِهِ الْعَلَامَةِ وَالْأَمَارَةِ.
وَاعْتَبَرَ الْعَلَامَةَ فِي الدَّمِ الَّذِي تَرَاهُ الْمَرْأَةُ وَيُشْتَبَهُ عَلَيْهَا، هَلْ هُوَ حَيْضٌ، أَوْ اسْتِحَاضَةٌ؟ وَاعْتَبَرَ الْعَلَامَةَ فِيهِ بِوَقْتِهِ وَلَوْنِهِ، وَحَكَمَ بِكَوْنِهِ حَيْضًا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا فِي الشَّرِيعَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَرَ وَتُسْتَوْفَى شَوَاهِدُهُ.
فَمَنْ أَهْدَرَ الْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ فِي الشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ فَقَدْ عَطَّلَ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَضَيَّعَ كَثِيرًا مِنْ الْحُقُوقِ، وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْبَابِ طَرَفَانِ وَوَسَطٌ.
قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْ وَقَعَ فِيهِ مِنْ التَّفْرِيطِ مِنْ بَعْضِ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَالْعُدْوَانِ مِنْ بَعْضِهِمْ: مَا أَوْجَبَ الْجَهْلَ بِالْحَقِّ، وَالظُّلْمَ لِلْخَلْقِ، وَصَارَ لَفْظُ " الشَّرْعِ " غَيْرَ مُطَابِقٍ لِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ، بَلْ لَفْظُ " الشَّرْعِ " فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

نام کتاب : الطرق الحكمية نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست