responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 25
وعدلهم تَكْذِيبًا بِالْقدرِ وَأما أهل السّنة فهم مثبتون للأمرين وَالظُّلم عِنْدهم هُوَ وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه كتعذيب الْمُطِيع وَمن لَا ذَنْب لَهُ وَهَذَا قد نزّه الله نَفسه عَنهُ فِي غير مَوضِع من كِتَابه وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَإِن أضلّ من شَاءَ وَقضى بالمعصية والغي على من شَاءَ فَذَلِك مَحْض الْعدْل فِيهِ لِأَنَّهُ وضع الإضلال والخذلان فِي مَوْضِعه اللَّائِق بِهِ كَيفَ وَمن أَسْمَائِهِ الْحسنى الْعدْل الَّذِي كل أَفعاله وَأَحْكَامه سداد وصواب وَحقّ وَهُوَ سُبْحَانَهُ قد أوضح السبل وَأرْسل الرُّسُل وَأنزل الْكتب وأزاح الْعِلَل ومكّن من أَسبَاب الْهِدَايَة وَالطَّاعَة بالأسماع والأبصار والعقول وَهَذَا عدله ووفّق من شَاءَ بمزيد عناية وَأَرَادَ من نَفسه أَن يُعينهُ ويوفّقه فَهَذَا فَضله وخذل من لَيْسَ بِأَهْل لتوفيقه وفضله وخلى بَينه وَبَين نَفسه وَلم يرد سُبْحَانَهُ من نَفسه أَن يوفّقه فَقطع عَنهُ فَضله وَلم يحرمه عدله وَهَذَا نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا يكون جَزَاء مِنْهُ للْعَبد على إعراضه عَنهُ وإيثار عدوه فِي الطَّاعَة والموافقة عَلَيْهِ وتناسي ذكره وشكره فَهُوَ أهل أَن يَخْذُلهُ ويتخلى عَنهُ وَالثَّانِي أَن لَا يَشَاء لَهُ ذَلِك ابْتِدَاء لما يعلم مِنْهُ أَنه لَا يعرف قدر نعْمَة الْهِدَايَة وَلَا يشكره عَلَيْهِ وَلَا يثني عَلَيْهِ بهَا وَلَا يُحِبهُ فَلَا يشاؤها لَهُ لعدم صَلَاحِية مَحَله قَالَ تَعَالَى {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ} وَقَالَ {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسمعهم} فَإِذا قضى على هَذِه النُّفُوس بالضلال وَالْمَعْصِيَة كَانَ ذَلِك مَحْض الْعدْل كَمَا إِذا قضى على الحيّة بِأَن تقتل وعَلى الْعَقْرَب وعَلى الْكَلْب الْعَقُور كَانَ ذَلِك عدلا فِيهِ وَإِن كَانَ مخلوقا على هَذِه الصّفة وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِي هَذَا فِي كتَابنَا الْكَبِير فِي الْقَضَاء وَالْقدر
وَالْمَقْصُود أَن قَوْله مَاض فِي حكمك عدل فِي قضاؤك رد على الطَّائِفَتَيْنِ القدريّة الَّذين يُنكرُونَ عُمُوم أقضية الله فِي عَبده وَيخرجُونَ أَفعَال الْعباد عَن كَونهَا بِقَضَائِهِ وَقدره ويردون الْقَضَاء إِلَى الْأَمر وَالنَّهْي وعَلى الجبريّة الَّذين يَقُولُونَ كل مَقْدُور عدل فَلَا يبْقى لقَوْله عدل فِي قضاؤك فَائِدَة فَإِن الْعدْل عِنْدهم كل مَا يُمكن

نام کتاب : الفوائد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست