responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 349
يقتضي فناء الحركات لكونها متعاقبة شيئا بعد شيء فقال بفناء حركات أهل الجنة والنار حتى يصيروا في سكون دائم لا يقدر احد منهم على حركة وزعمت فرقة ممن وافقهم على امتناع حوادث لا نهاية لها أن هذا القول مقتضى العقل لكن لما جاء السمع ببقاء الجنة والنار قلنا بذلك وكان هؤلاء لم يعلموا أن ما كان ممتنعا في العقل لا يجيء في الشرع بوقوعه إذ يستحيل عليه أن يخبر بوجود ما هو ممتنع في العقل وكأنهم لم يفرقوا بين محالات العقول ومجازاتها فالسمع يجيء بالثاني لا بالأول فالسمع يجيء بما يعجز العقل عن إدراكه ولا يستقل به ولا يجيء بما لا يعلم العقل أحالته والأكثرون الذين وافقوا جهما وأبا الهذيل على هذا الأصل فرقوا بين الماضي والمستقبل وقالوا الماضي قد دخل في الوجود بخلاف المستقبل والممتنع إنما هو دخول ما لا يتناهى في الوجود لا تقدير دخوله شيئا بعد شيء قالوا أو هذا نظيران يقول القائل لا أعطيك درهما إلا وأعطيتك بعده درهما آخر فهذا ممكن والأول نظير أن يقول لا أعطيك درهما إلا وأعطيك قبله درهما فهذا محال وهؤلاء عندهم وجود ما لا يتناهى في الماضي محال ووجوده في المستقبل واجب ونازعهم في ذلك آخرون فقالوا بل الأمر في الماضي كما هو في المستقبل ولا فرق بينهما بل الماضي والاستقبال أمر نسبي فكل ما يكون مستقبلا يصير ماضيا وكل ماض فقد كان مستقبلا فلا يعقل إمكان الدوام في أحد الطرفين وإحالته في الطرف الآخر قالوا وهذه مسألة دوام فاعلية الرب تبارك وتعالى وهو لم يزل ربا قادرا فاعل فانه لم يزل حيا عليما قديرا ومن المحال أن يكون الفعل ممتنعا عليه لذاته ثم ينقلب فيصير ممكنا لذاته من غير تجدد شيء وليس للأزل حد محدود حتى يصير الفعل ممكنا له عند ذلك الحد ويكون قبله ممتنعا عليه فهذا القول تصوره كاف في الجزم بفساده ويكفي في فساده أن الوقت الذي انقلب فيه الفعل من الإحالة الذاتيه إلى الأماكن الذات إما أن يصح أن يفرض قبله وقت يمكن فيه الفعل أولا لا يصح فان قلتم لا يصح كان هذا تحكما غير معقول وهو من جنس الهوس وان قلتم يصح قيل وكذلك ما يفرض قبله لا إلى غاية فما من زمن محقق أو مقدر

نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست