نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 365
أبدا فإنما قاله لظنه أن بعض أهل البدع قال بفنائها ولم يبلغه تلك الآثار التي تقدم ذكرها قالوا وأما حكم العقل بتخليد أهل النار فيها فأخبار عن العقل بما ليس عنده فان المسالة من المسائل التي لا تعلم إلا بخبر الصادق وأما اصل الثواب والعقاب فهل يعلم بالعقل مع السمع أول لا يعلم إلا بالسمع وحده ففيه قولان لنظار المسلمين من اتباع الأئمة الأربعة وغيرهم والصحيح أن العقل دل على المعاد والثواب والعقاب إجمالا وأما تفصيله فلا يعلم إلا بالسمع ودوام الثواب والعقاب مما لا يدل عليه العقل بمجرده وإنما علم بالسمع وقد دل السمع دلالة قاطعة على دوام ثواب المطيعين وأما عقاب العصاة فقد دل السمع أيضا دلالة قاطعة على انقطاعه في حق الموحدين وأما دوامه وانقطاعه في حق الكفار فهذا معترك النزال فمن كان السمع من جانبه فهو اسعد بالصواب وبالله التوفيق فصل ونحن نذكر الفرق بين دوام الجنة والنار شرعا وعقلا وذلك يظهر من وجوه أحدها أن الله سبحانه وتعالى اخبر ببقاء نعيم أهل الجنة ودوامه وانه لا نفاد له ولا انقطاع وانه غير مجذوذ وأما النار فلم يخبر عنها بأكثر من خلود أهلها فيها وعدم خروجهم منها وأنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وإنها مؤصدة عليهم وأنهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وأن عذابها لازم لهم وانه مقيم عليهم لا يفتر عنهم والفرق بين الخبرين ظاهر الوجه الثاني أن النار قد اخبر سبحانه وتعالى في ثلاث آيات عنها بما يدل على عدم أبديتها الأولى قوله سبحانه وتعالى قال: {النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} والثانية قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ
نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 365