responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 371
صفاته الذاتية التي يستحيل انفكاكه عنها بحيث لم يزل ولا يزال غضبان والناس لهم في صفة الغضب قولان أحدهما أنه من صفاته الفعلية القائمة به كسائر أفعاله والثاني أنه صفة فعل منفصل عنه غير قائم به وعلى القوانين فليس كالحياة والعلم والقدرة التي يستحيل مفارقتها له والعذاب إنما ينشا من صفة غضبه وما سعرت النار إلا بغضبه وقد جاء في اثر مرفوع أن الله خلق خلقا من غضبه وأسكنهم بالمشرق وينتقم بهم ممن عصاه فمخلوقاته سبحانه نوعان نوع مخلوق من الرحمة وبالرحمة ونوع مخلوق من الغضب وبالغضب فانه سبحانه له الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي يتنزه عن تقدير خلافه ومنها أنه يرضى ويغضب ويثيب ويعاقب ويعطي ويمنع ويعز ويذل وينتقم ويعفو بل هذا موجب ملكه الحق وحقيقة الملك المقرون بالحكمة والرحمة والحمد فإذا زال غضبه سبحانه وتعالى وتبدل برضاه زالت عقوبته وتبدلت برحمته فانقلبت العقوبة إلى رحمة بل لم تزل رحمة وأن تنوعت صفتها وصورتها كما كان عقوبة العصاة رحمة وإخراجهم من النار رحمة فتقلبوا في رحمته في الدنيا وتقلبوا فيها في الآخرة لكن تلك الرحمة يحبونها وتوافق طبائعهم وهذه رحمة يكرهونها وتشق عليهم كرحمة الطبيب الذي يضع لحم المريض ويلقي عليه المكاوي ليستخرج منه المواد الرديئة الفاسدة فان قيل هذا اعتبار غير صحيح فان الطبيب يفعل ذلك بالعليل وهو يحبه وهو راض عنه ولم ينشا فعله به عن غضبه بغضبه عليه ولهذا لا يسمى عقوبة وأما عذاب هؤلاء فانه إنما حصل بغضبه سبحانه عليهم وهو عقوبة محضة قيل هذا حق ولكن لا ينافي كونه رحمة بهم وأن كان عقوبة لهم وهذا كإقامة الحدود عليهم في الدنيا فانه عقوبة ورحمة وتخفيف وطهرة فالحدود طهرة لأهلها وعقوبة وهم لما أغضبوا الرب تعالى وقابلوه بما لا يليق أن يقابل به وعاملوه أقبح المعاملة وكذبوه وكذبوا رسله وجعلوا اقل خلقه وأخبثهم وامقتهم له ندا

نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست