responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 372
له وإلهه معه واثروا رضاهم على رضاه وطاعتهم على طاعته وهو ولي الإنعام عليهم وهو خالقهم ورازقهم ومولاهم الحق اشتد مقته لهم وغضبه عليهم وذلك يوجب كمال أسمائه وصفاته التي يستحيل عيله تقدير خلافها ويستحيل عليه تخلف آثارها ومقتضاها عنها بل ذلك تعطيل لأحكامها كما أن نفيها عنه تعطيل لحقائقها وكلا التعطيلين محال عليه سبحانه وتعالى فالمعطلون نوعان أحدهما عطل صفاته والثاني عطل أحكامها وموجباتها وكان هذا العذاب عقوبة لهم من هذا الوجه ودواء لهم من جهة الرحمة السابقة للغضب فاجتمع فيه الأمران فإذا زال الغضب بزوال المادة الفاسدة بتغيير الطبيعة المقتضية لها في الجحيم بمرور الأحقاب عليها وحصلت الحكمة التي أوجبت العقوبة عملت الرحمة عملها وطلبت أثرها من غير معارض يوضحه الوجه الحادي عشر وهو أن العفو أحب إليه سبحانه من الانتقام والرحمة أحب إليه من العقوبة والرضا أحب إليه من الغضب والفضل أحب إليه من العدل ولهذا ظهرت آثار هذه المحبة في شرعه وقدره ويظهر كل الظهور لعباده في ثوابه وعقابه وإذا كان ذلك أحب الأمرين إليه وله خلق الخلق وانزل الكتب وشرع الشرائع وقدرته سبحانه صالحة لكل شيء لا قصور فيها بوجه ما وتلك المواد الردية الفاسدة مرض من الأمراض وبيده سبحانه وتعالى الشفاء التام والأدوية الموافقة لكل داء وله القدرة التامة والرحمة السابغة والغنى المطلق بالعبد أعظم حاجة إلى من يداوي علته التي بلغت به غاية الضرر والمشقة وقد عرف العبد أنه عليل وأن دواءه بيد الغني الحميد فتضرع إليه ودخل به عليه واستكان له وانكسر قلبه بين يديه وذل لعزته وعرف أن الحمد كله له وأن الحق كله له وانه هو الظلوم الجهول وان ربه تبارك وتعالى عامله بكل عدله لا ببعض عدله وأن له غاية الحمد فيما فعل به وأن حمده هو الذي أقامه في هذا المقام وأوصله إليه وانه لا خير عنده من نفسه بوجه من الوجوه بل ذلك محض فضل الله وصدقته عليه وانه لا نجاة

نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست