نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 376
وأما الشرور فليس مقصودة لذاتها ولا هي الغاية التي خلق لها الخلق فهي مفعولات قدرت لأمر محبوب وجعلت وسيلة إليه فإذا حصل ما قدرت له اضمحلت وتلاشت وعاد الأمر إلى الخير المحض الوجه الرابع عشر أنه سبحانه وتعالى اخبر إن رحمته وسعت كل شيء فليس شيء من الأشياء إلا وفيه رحمته ولا ينافي هذا أنت ترحم العبد بمات يشق عليه ويؤلمه وتشتد كراهته له فان ذلك من أيضا كما تقدم وقد ذكرنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه آنفا وقوله تعالى: لذينك الرجلين رحمتي لكما إن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار وقد جاء في بعض الآثار إن العبد إذا دعى لمبتلى قد اشتد بلاؤه وقال اللهم ارحمه يقول الرب تبارك وتعالى كيف ارحمه من شيء به ارحمه فالابتلاء رحمة منه لعباده وفي اثر الهي يقول الله تعالى أهل ذكر أهل مجالستي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل شكري أهل زيادتي وأهل معصيتي لأقنطهم من رحمتي إن تأبوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ابتليهم بالمصايب لأطهرهم من المعايب فالبلاء والعقوبة قدرته لإزالة أدواء لا تزول إلا بها والنار هي الدواء الأكبر فمن تداوى في الدنيا أغناه ذلك عن الدواء في الآخرة وإلا فلا بدله من الدواء بحسب دائه ومن عرف الرب تبارك وتعالى بصفات جلاله ونعوت كماله من حكمته ورحمته وبره وإحسانه وغناه وجوده وتحببه إلى عباده وإرادة الأنعام عليهم وسبق رحمته لهم يبادر لا إنكار ذلك إن لم يبادر إلى قبوله
يوضحه الوجه الخامس عشر إن أفعاله سبحانه لا تخرج عن الحكمة والرحمة والمصلحة والعدل فلا يفعل عبثا ولا جورا ولا باطلا بل هو المنزه عن ذلك كما ينزه عن سائر العيوب والنقائص وإذا ثبت ذلك فتعذيبهم إن كان رحمة بهم حتى يزول ذلك الخبث وتكمل الطهارة فظاهر وإن كان لحكمة فإذا حصلت تلك الحكمة المطلوبة زال العذاب وليس في الحكمة دوام العذاب أبدا الآباد بحيث يكون دائما بدوام الرب تبارك وتعالى وإن كان لمصلحة وإن كان لمصلحة فإن كان يرجع إليهم"فليست مصلحتهم
نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 376