نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 380
يوضحه الوجه التاسع عشر وهو أنه قد ثبت إن الله سبحانه وتعالى ينشئ للجنة خلقا آخر يسكنهم إياها ولم يعملوا خيرا قط تكون الجنة جزاء لهم عليه فإذا اخذ العذاب من هذه النفوس مأخذه وبلغت العقوبة مبلغها فانكسرت تلك النفوس وخضعت وذلت واعترفت لربها وفاطرها بالحمد وانه عدل فيها كل العدل وإنها في هذه الحال كانت في تخفيف منه ولو شاء إن يكون عذابهم اشد من ذلك لفعل وشاء كتب العقوبة طلبا لموافقة رضاه ومحبته وعلم إن العذاب أولى بها وانه لا يليق بها سواه ولا تصلح إلا له فذابت منها تلك الخبائث كلها وتلاشت وتبدلت بذل وانكسار وحمد وثناء الرب تبارك وتعالى لم يكن في حكمته إن يستمر بها في العذاب بعد ذلك إذ قد تبدل شرها بخيرها وشركها بتوحيدها وكبرها بخضوعها وذلها ولا ينتقض هذا بقول الله عز وجل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فان هذا قبل مباشرة العذاب الذي يزيل تلك الخبائث وإنما هو عند المعاينة قبل الدخول فانه سبحانه وتعالى قال: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فهذا إنما قالوه قبل إن يستخرج العذاب منهم تلك الخبائث فأما إذا لبثوا في العذاب أحقابا والحقب كما رواه الطبراني في معجمه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الحقب خمسون ألف سنة فانه من الممتع إن يبقى ذا الكبر والشرك والخبث بعد هذه المدد المتطاولة في العذاب
الوجه العشرون أنه قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري في
نام کتاب : حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 380