نام کتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 266
زهد في كل إرادة تخالف مراد محبوبه وبين هذا وبين الزهد في الدنيا أعظم مما بين السماء والأرض فالزهد خمسة أقسام زهد في الدنيا وزهد في النفس وزهد في الجاه والرئاسة وزهد فيما سوى المحبوب وزهد في كل إرادة تخالف مراد المحبوب وهذا إنما يحصل بكمال المتابعة لرسول الحبيب
قال الله تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فجعل سبحانه متابعة رسوله سببا لمحبتهم له وكون العبد محبوبا لله أعلى من كونه محبا لله فليس الشأن أن تحب الله ولكن الشأن أن يحبك الله فالطاعة للمحبوب عنوان محبته كما قيل
تعصي الإله وأنت تزعم حبه ... هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع
فصل ومن علاماتها قلة صبر المحب عن المحبوب بل ينصرف صبره إلى الصبر على طاعته والصبر عن معصيته والصبر على أحكامه فهذا صبر المحب وأما الصبر عنه فصبر الفارغ عن محبته المشغول بغيره قال
والصبر يحمد في المواطن كلها ... وعن الحبيب فإنه لا يحمد
فمن صبر عن محبوبه أدى به صبره إلى فوات مطلوبه وقال بعض المحبين
ما أحسن الصبر وأما على ... أن لا أرى وجهك يوما فلا
لو أن يوما منك أو ساعة ... تباع بالدنيا إذا ما غلا
نام کتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 266