نام کتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 275
الذي يختص هو به فيغار من تعرض غيره لذكره ومشاركته له فيه وهذه الغيرة تختص بالمخلوق ولا تتصور في حق الخالق بل المحب لربه يحب أن الناس كلهم يحبونه ويذكرونه ويعبدونه ويحمدونه ولا شيء أقر لعينه من ذلك بل هو يدعو إلى ذلك بقوله وعمله
ولما لم يميز كثير من الصوفية بين هاتين الغيرتين وقع في كلامهم تخبيط قبيح وأحسن أمره أن يكون من السعي المغفور لا المشكور وكان بعض جهلتهم إذا رأى من يذكر الله أو يحبه يغار منه وربما سكته إن أمكنه ويقول غيرة الحب تحملني على هذا وإنما ذلك حسد وبغي وعدوان ونوع معادة لله ومراغمة لطريق رسله أخرجوها في قالب الغيرة وشبهوا محبة الله بمحبة الصور من المخلوقين ولا ريب أن هذه الغيرة محمودة في محبة من لا تحسن مشاركة المحب فيه وسيأتي ذلك في باب الغيرة على المحبوب
فصل ومنها بذل المحب في رضا محبوبه ما يقدر عليه مما كان يتمتع به بدون المحبة وللمحب في هذا ثلاثة أحوال أحدها بذله ذلك تكلفا ومشقة وهذا في أول الأمر فإذا قويت المحبة بذله رضا وطوعا فإذا تمكنت من القلب غاية التمكن بذله سؤالا وتضرعا كأنه يأخذه من المحبوب حتى إنه ليبذل نفسه دون محبوبه كما كان الصحابة رضي الله عنهم يقون رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب بنفوسهم حتى يصرعوا حوله
ولي فؤاد إذا لج الغرام به ... هام اشتياقا إلى لقيا معذبه
نام کتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 275