نام کتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 291
ولا يشغله واحد من ذلك عن الآخر فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلبه متوجه في الصلاة إلى ربه وإلىمراعاة أحوال من يصلي خلفه وكان يسمع بكاء الصبي فيخفف الصلاة خشية أن يشق على أمه أفلا ترى قلبه الواسع الكريم كيف اتسع للأمرين ولا يظن أن هذا من خصائص النبوة فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يجهز جيشه وهو في الصلاة فيتسع قلبه للصلاة والجهاد في آن واحد وهذا بحسب سعة القلب وضيقه وقوته وضعفه قالوا وكمال العبودية أن يتسع قلب العبد لشهود معبوده ومراعاة آداب عبوديته فلا يشغله أحد الأمرين عن الآخر وهذا موجود في الشاهد فإن الرجل إذا عمل عملا للسلطان مثلا بين يديه وهو ناظر إليه يشاهده فإن قلبه يتسع لمراعاة عمله وإتقانه وشهود إقبال السلطان عليه ورؤيته له بل هذا شأن كل محب يعمل لمحبوبه عملا بين يديه أو ي غيبته قالوا وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى يوم موت ابنه إبراهيم فكان بكاؤه رحمة له فاتسع قلبه لرحمة الولد وللرضا بقضاء الله ولم يشغله أحدهما عن الآخر لكن الفضيل لم يتسع قلبه يوم موت ابنه لذلك فجعل يضحك فقيل له أتضحك وقد مات ابنك فقال إن الله سبحانه قضى بقضاء فأحببت أن أرضى بقضائه ومعلوم أن بين هذه الحال وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ تفاوت لا يعلمه إلا الله ولكن لم يتسع قلبه لما اتسع له قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظير هذا اتساع قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لغناء الجويريتين اللتين كانتا تغنيان عند عائشة رضي الله عنها فلم يشغله ذلك عن ربه ورأى فيه من مصلحة إرضاء النفوس الضعيفة بما يستخرج منها من محبة الله ورسوله ودينه فإن النفوس متى نالت شيئامن حظها طوعت ببذل ما عليها من الحق ولم يتسع
نام کتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 291