نام کتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 483
الرابع والأربعون أن الله سبحانه وتعالى جعل القلب ملك الجوارح ومعدن معرفته ومحبته وعبوديته وامتحنه بسلطانين وجيشين وعونين وعدتين فالحق والزهد والهدى سلطان وأعوانه الملائكة وجيشه الصدق والإخلاص ومجانبة الهوى والباطل سلطان وأعوانه الشياطين وجنده وعدته اتباع الهوى والنفس واقفة بين الجيشين ولا يقدم جيش الباطل على القلب إلا من ثغرتها وناحيتها فهي تخامر على القلب وتصير مع عدوه عليه فتكون الدائرة عليه فهي التي تعطي عدوها عدة من قبلها وتفتح له باب المدينة فيدخل ويتملك ويقع الخذلان على القلب
الخامس والأربعون أن أعدى عدو للمرء شيطانه وهواه وأصدق صديق له عقله والملك الناصح له فإذا اتبع هواه أعطي بيده لعدوه واستأسر له وأشمته به وساء صديقه ووليه وهذا هو بعينه هو جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء
السادس والأربعون أن لكل عبد بداية ونهاية فمن كانت بدايته اتباع الهوى كانت نهايته الذل والصغار والحرمان والبلاء المتبوع بحسب ما اتبع من هواه بل يصير له ذلك في نهايته عذابا يعذب به في قلبه كما قال القائل
مآرب كانت في الشباب لأهلها ... عذابا فصارت في المشيب عذابا
فلو تأملت حال كل ذي حال سيئة زرية لرأيت بدايته الذهاب مع هواه وإيثاره على عقله ومن كانت بدايته مخالفة هواه وطاعة داعي رشده كانت نهايته العز والشرف والغنى والجاه عند الله وعند الناس قال أبو علي الدقاق من ملك شهوته في حال شبيبته أعزه الله تعالى في حال كهولته
نام کتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين نویسنده : ابن القيم جلد : 1 صفحه : 483