responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 43
الْمُتَضَمِّنِ لِتَخْصِيصِهِ مَحَالَّ اخْتِيَارِهِ بِمَا خَصَّصَهَا بِهِ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا تَصْلُحُ لَهُ دُونَ غَيْرِهَا، فَتَدَبَّرِ السِّيَاقَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ تَجِدْهُ مُتَضَمِّنًا لِهَذَا الْمَعْنَى، زَائِدًا عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّادِسُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَذْكُورَةٌ عُقَيْبَ قَوْلِهِ: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ - فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ - فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ - وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 65 - 68] [الْقَصَصِ: 65 - 68] فَكَمَا خَلَقَهُمْ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ، اخْتَارَ مِنْهُمْ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا، فَكَانُوا صَفْوَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، وَخِيرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَكَانَ هَذَا الِاخْتِيَارُ رَاجِعًا إِلَى حِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ، لَا إِلَى اخْتِيَارِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَاقْتِرَاحِهِمْ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ.

[فَصْلٌ في ذكر ما اختار الله من مخلوقاته]
[الِاخْتِيَارُ دَالٌّ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ]
فَصْلٌ
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ أَحْوَالَ هَذَا الْخَلْقِ، رَأَيْتَ هَذَا الِاخْتِيَارَ وَالتَّخْصِيصَ فِيهِ دَالًّا عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ تَعَالَى وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَكَمَالِ حِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَأَنَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَلَا شَرِيكَ لَهُ يَخْلُقُ كَخَلْقِهِ، وَيَخْتَارُ كَاخْتِيَارِهِ، وَيُدَبِّرُ كَتَدْبِيرِهِ، فَهَذَا الِاخْتِيَارُ وَالتَّدْبِيرُ وَالتَّخْصِيصُ الْمَشْهُودُ أَثَرُهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ مِنْ أَعْظَمِ آيَاتِ رُبُوبِيَّتِهِ، وَأَكْبَرِ شَوَاهِدِ وَحْدَانِيَّتِهِ، وَصِفَاتِ كَمَالِهِ، وَصِدْقِ رُسُلِهِ، فَنُشِيرُ مِنْهُ إِلَى يَسِيرٍ يَكُونُ مُنَبِّهًا عَلَى مَا وَرَاءَهُ دَالًّا عَلَى مَا سِوَاهُ.
فَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ سَبْعًا فَاخْتَارَ الْعُلْيَا مِنْهَا فَجَعَلَهَا مُسْتَقَرَّ الْمُقَرَّبِينَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ، وَاخْتَصَّهَا بِالْقُرْبِ مِنْ كُرْسِيِّهِ وَمِنْ عَرْشِهِ، وَأَسْكَنَهَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، فَلَهَا مَزِيَّةٌ وَفَضْلٌ عَلَى سَائِرِ السَّمَاوَاتِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا قُرْبُهَا مِنْهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَهَذَا التَّفْضِيلُ وَالتَّخْصِيصُ مَعَ تَسَاوِي مَادَّةِ السَّمَاوَاتِ مِنْ أَبْيَنِ الْأَدِلَّةِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَأَنَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ.

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست