responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 156
مفعوله ومنكرو الأفعال يقولون أن الرب سبحانه يقدر على المفعولات المباينة له ولا يقدر على فعل يقوم بنفسه لا لازم ولا متعد وأهل السنة يقولون الرب سبحانه يقدر على هذا وعلى هذا وهو سبحانه له الخلق والأمر فالجهمية أنكرت خلقه وأمره وقالوا خلقه نفس مخلوقه وأمره مخلوق من مخلوقاته فلا خلق ولا أمر ومن أثبت له الكلام القائم بذاته ونفى أن يكون له فعل فقد أثبت الأمر دون الخلق ولم يقل أحد بقيام أفعاله به ونفى صفة الكلام عنه فيثبت الأمر دون الخلق وأهل السنة يثبتون له تعالى ما أثبته لنفسه من الخلق والأمر فالخلق فعله والأمر قوله وهو سبحانه يقول ويفعل وأجابت طائفة أخرى من أهل السنة والحديث عن هذا بالتزام التسلسل وقالوا ليس في العقل ولا في الشرع ما ينفي دوام فاعلية الرب سبحانه وتعاقب أفعاله شيئا قبل شيء إلى غير غاية كما تتعاقب شيئا بعد شيء إلى غير غاية فلم تزل أفعالا قالوا والفعل صفة كمال ومن يفعل أكمل ممن لا يفعل قالوا ولا يقتضي صريح العقل إلا هذا ومن زعم أن الفعل كان ممتنعا عليه سبحانه في مدد غير مقدرة لا نهاية لها ولا يقدر أن يفعل ثم انقلب الفعل من الاستحالة الذاتية إلى الإمكان الذاتي من غير حدوث سبب ولا تغير في الفاعل فقد نادى على عقله بين الأنام قالوا وإذا كان هذا في العقول جاز أن ينقلب العالم من العدم إلى الوجود من غير فاعل وإن امتنع هذا في بداية العقول فكذلك نجد إمكان الفعل وانقلابه من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي بلا سبب وأما أن يكون هذا ممكنا وذاك ممتنعا فليس في العقول ما يقضي بذلك قالوا والتسلسل لفظ مجمل لم يرد بنفيه ولا إثباته كتاب ناطق ولا سنة متبعة فيجب مراعاة لفظه وهو ينقسم إلى واجب وممتنع وممكن كالتسلسل في المؤثر محال ممتنع لذاته وهو أن يكون مؤثرين كل واحد منهم استفاد تأثيره ممن قبله لا إلى غاية والتسلسل الواجب ما دل عليه العقل والشرع من دوام أفعال الرب تعالى في الأبد وأنه كلما انقضى لأهل الجنة نعيم أحدث لهم نعيما آخر لا نفاد له وكذلك التسلسل في أفعاله سبحانه من طرق الأزل وأن كل فعل مسبوق بفعل آخر فهذا واجب في كلامه فإنه لم يزل متكلما إذا شاء ولم تحدث له صفة الكلام في وقت وهكذا أفعاله التي هي من لوازم حياته فإن كل حي فعال والفرق بين الحي والميت بالفعل ولهذا قال غير واحد من السلف الحي الفعال، وقال عثمان بن سعيد: كل حي فعال ولم يكن ربنا سبحانه قط في وقت من الأوقات المحققة أو المقدرة معطلا عن كماله من الكلام والإرادة والفعل وأما التسلسل الممكن فالتسلسل في مفعولاته من هذا الطرف كما يتسلسل في طرف الأبد فإنه إذا لم يزل حيا قادرا مريدا متكلما وذلك من لوازم ذاته فالفعل ممكن هذه الصفات له وأن يفعل أكمل من أن لا يفعل ولا يلزم من هذا أنه لم يزل الخلق معه فإنه سبحانه متقدم على كل فرد من مخلوقاته تقدم لا أول له فلكل مخلوق أول والخالق سبحانه لا أول له فهو وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن قالوا وكل قول سوى هذا فصريح العقل يرده ويقضي ببطلانه وكل من اعترف بأن الرب سبحانه لم يزل قادرا على الفعل لزمه أحد الأمرين لا بد له منهما أما أن يقول بأن الفعل لم يزل ممكنا وأما أن يقول لم يزل واقعا إلا تناقض تناقضا بينا حيث زعم أن الرب سبحانه لم يزل قادرا على الفعل والفعل محال ممتنع لذاته لو أراده لم يكن وجوده بل فرض إرادته عنده محال وهو مقدور له وهذا قول ينقض بعضه بعضا وأجابت طائفة أخرى بالجواب المركب على جميع التقادير فقالوا

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست