responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 175
الأصحاب وأثبتوا الإرادة الحادثة ثم اختلفوا في سبب حدوثها فقال طائفة منهم كون النفس مريدة أمر ذاتي لها وما بالذات لا يعلل ولا يطلب سبب وجوده وطريقة التعليل تسلك ما لم يمنع منها مانع واختصاص الذات بالصفة الذاتية لا تعلل فهكذا اختصاص النفس بكونها مريدة هو أمر ذاتي لها وبذلك كانت نفسا فقول القائل لم أردت كذا وما الذي أوجب لها إرادته كقوله لم كانت نفسا وكقوله لم كانت النار محرقة أو متحركة ولم كان الماء مائعا سيالا ولم كان الهواء خفيفا فكون النفس مريدة متحركة بالإرادة هو معنى كونها نفسا فهو بمنزلة قول القائل لم كانت نفسا وحركتها بمنزلة حركة الفلك فهي خلقت هكذا وقالت طائفة أخرى بل الله سبحانه أحدث فيها الإرادة والإرادة صالحة للضدين فخلق فيها إرادة تصلح للخير فآثرت أحدهما على ألآخر بشهوتها وميلها فأعطاها قدرة صالحة للضدين وإرادة صالحة لها فكانت القدرة والإرادة من إحداثه سبحانه واختيارها أحد المقدورين المرادين من قبلها فهي التي رجحته قالوا والقادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بغير مرجح كالعطشان إذا قدم له قدحان متساويان من كل وجه والهارب إذا عن له طريقان كذلك فإنه يرجح أحدهما بلا مرجح فالله سبحانه أحدث فيه إرادة الفعل ولكن الإرادة لا توجب المراد فأحدثها فيه امتحانا له وابتلاء وأقدره على خلافها وأمره بمخالفتها ولا ريب أنه قادر على مخالفتها فلا يلزم من كونها مخلوقة لله حاصلة بإحداثه وجوب الفعل عندها وقال أبو الحسين البصري: "إن الفعل يتوقف على الداعي والقدرة وهما من الله خلقا فيه وعندهما يجب وجود الفعل باختيار العبد وداعيه فيكون هو المحدث له بما فيه من الدواعي والقدرة" فهذه طرق أصحابنا في الجواب عما ذكرتم قال السني: لم تتخلصوا بذلك من الإلزام ولم تبينوا به بطلان حجتهم المذكورة فلا منعتم مقدماتها وبينتم فسادها ولا عارضتموها بما هو أقوى منها كما أنهم لم يتخلصوا من إلزامكم ولم يبينوا بطلان دليلكم وكان غاية ما عندكم وعندهم المعارضة وبيان كل منكم تناقض الآخر وهذا لا يفيد نصرة الحق وإبطال الباطل بل يفيد بيان خطأكم وخطأهم وعدولكم وإياهم عن منهج الصواب فنقول وبالله التوفيق مع كل منكما صواب من وجه وخطأ من وجه فأما صواب الجبري فمن جهة إسناده الحوادث كلها إلى مشيئة الله وخلقه وقضائه وقدره والقدري خالف الضرورة في ذلك فإن كون العبد مريدا فاعلا بعد أن لم يكن أمر حادث فأما أن يكون له محدث وأما أن لا يكون فإن لم يكن له محدث لزم حدوث الحوادث بلا محدث وإن كان له محدث فأما أن يكون هو العبد أو الله سبحانه أو غيرهما فإن كان هو العبد فالقول في إحداثه لتلك الفاعلية كالقول في إحداث سببها ويلزم التسلسل وهو باطل ههنا بالاتفاق لأن العبد كائن بعد أن لم يكن فيمتنع أن تقوم به حوادث لا أول لها وإن كان غير الله فالقول فيه كالقول في العبد فتعين أن يكون الله هو الخالق المكون لإرادة العبد وقدرته وإحداثه وفعله وهذه مقدمات يقينية لا يمكن القدح فيها فمن قال إن إرادة العبد وإحداثه حصل بغير سبب اقتضى حدوث ذلك والعبد أحدث ذلك وحاله عند إحداثه كما كان قبله بل خص أحد الوقتين بالإحداث من غير سبب اقتضى تخصيصه وأنه صار مريدا فاعلا محدثا بعد أن لم يكن كذلك من غير من جعله كذلك فقد قال ما لا يعقل بل يخالف صريح العقل وقال بحدوث حوادث بلا محدث وقولكم أن الإرادة لا تعلل كلام باطل لا حقيقة له فإن الإرادة أمر حادث فلا بد له من محدث ونظير هذا المحال قولكم في فعل الرب سبحانه أنه بواسطة إرادة يحدثها

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست