responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 197
بالعقوبة ولم ينظروا وأيضا فإنه جعل الرسول بشرا ليمكنهم التلقي عنه والرجوع إليه ولو جعله ملكا فإما أن يدعه على هيئة الملائكة أو يجعله على هيئة البشر والأول يمنعهم من التلقي عنه والثاني لا يحصل مقصودهم إذ كانوا يقولون هو بشر لا ملك وقال تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً} فأخبر سبحانه عن المانع من إنزال الملائكة وهو أنه لم يجعل الأرض مسكنا لهم ولا يستقرون فيها مطمئنين بل يكون نزولهم لينفذوا أوامر الرب سبحانه ثم يعرجون إليه ومن هذا قوله: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآياتِ إِلاّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ} فأخبر سبحانه عن حكمته في الامتناع من إرسال رسله بآيات الاقتراح والتشهي وهي أنها لا توجب الإيمان فقد سألها الأولون فلما أوتوها كذبوا بها فأهلكوا فليس لهم مصلحة في الإرسال بها بل حكمته سبحانه تأبى ذلك كل الإباء ثم نبه على ما أصاب ثمود من ذلك فإنهم اقترحوا الناقة فلما أعطوا ما سألوا ظلموا ولم يؤمنوا فكان في إجابتهم إلى ما سألوا هلاكهم واستئصالهم ثم قال: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآياتِ إِلاّ تَخْوِيفاً} أي لأجل التخويف فهو منصوب نصب المفعول لأجله قال قتادة: "إن الله يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يعتبون أو يذكرون أو يرجعون" وهذا يعم آياته التي تكون مع الرسل والتي تقع بعدهم في كل زمان فإنه سبحانه لا يزال يحدث لعباده من الآيات ما يخوفهم بها ويذكرهم بها ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أي لا يعلمون حكمته تعالى ومصلحة عباده في الامتناع من إنزال الآيات التي يقترحها الناس على الأنبياء وليس المراد أن أكثر الناس لا يعلمون أن الله قادر فإنه لم ينازع في قدرة الله أحد من المقرين بوجوده سبحانه ولكن حكمته في ذلك لا يعلمها أكثر الناس.
فصل: النوع العاشر إخباره عن الحكم والغايات التي جعلها في خلقه وأمره كقوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ} وقوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً} إلى قوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} وقوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً} وقوله: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} وقوله: {فلينظر الإنسان فَلْيَنْظُرِ الأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} إلى قوله: {مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} وقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} وقوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ} وقوله: {الله الذي سخر البحر لتجري اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} إلى أضعاف أضعاف ذلك في القرآن مما يفيد من له أدنى تأمل القطع بأنه سبحانه فعل ذلك للحكم والمصالح التي ذكرها وغيرها مما لم يذكره وقوله: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست