responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 218
الخالصة أو الراجحة وإن وجدت المفاسد المرجوحة التي لا يمكن الجمع بين عدمها وعدم تلك الراجحة وخلاف هذا هو خلاف الحكمة والصواب الجواب الثالث أن يقال غاية ذلك انتفاء الحكمة في هذا النوع من المقدورات فيلزم من ذلك انتفاؤها في جميع خلقه وحكمه فهب أن هذا النوع لا حكمة فيه فمن أين يستلزم ذلك نفي الحكمة والغرض في كل شيء كيف وفيه من الحكم والغايات المحمودة ما هو معلوم لأهل البصائر الراسخين في العلم كما سننبه على ذلك منه إن شاء الله، الجواب الرابع أنا لم ندع حكمة يجب أو يمكن اطّلاع الخلق على تفاصيلها فإن حكمة الله أعظم وأجل من ذلك فما المانع من اشتمال ما ذكرتم من الصور وغيرها على الحكم حجة ينفرد الله بعلمها كما قال للملائكة وقد سألوه عن ذلك أني أعلم ما لا تعلمون فمن يقول بلزوم الحكمة لأفعاله وأحكامه مطلقا لا يوجب مشاركة خلقه له في العلم بها، الجواب الخامس أن الله سبحانه ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وله في جميع ما ذكرتم وغيره حكمة ليست من جنس الحكمة التي للمخلوقين كما أن فعله ليس مماثلا فعلهم ولا قدرته وإرادته ومشيئته ومحبته ورضاه وغضبه مماثلا لصفات المخلوقين، الجواب السادس أن الحكمة تابعة للعلم والقدرة فمن كان أعلم وأقدر كانت أفعاله أحكم وأكمل والرب منفرد بكمال العلم والقدرة فحكمته بحسب علمه وقدرته كما تقدم تقريره فحكمته متعلقة بكل ما تعلق به علمه وقدرته، الجواب السابع أن الأدلة القاطعة قد قامت على أنه حكيم في أفعاله وأحكامه فيجب القول بموجبها وعدم العلم بحكمته في الصور المذكورة لا يكون مسوغا لمخالفة تلك الأدلة القاطعة لا سيما وعدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه، الجواب الثامن أن كماله المقدس يمنع خلو هذه الصور التي تقصيتم عن الحكمة وكماله أيضا يأبى إطلاع خلقه على جميع حكمته فحكمته تمنع إطلاع خلقه على جميع حكمته بل الواحد منا لو أطلع غيره على جميع شأنه وأمره عد سفيها جاهلا وشأن الرب أعظم من أن يطلع كل واحد من خلقه على تفاصيل حكمته، الجواب التاسع أنكم إما أن تعترفوا بأن له حكمة في شيء من خلقه وأمره أو تنكروا أن يكون له في شيء من خلقه وأمره حكمة فإن أنكرتم ذلك وما هو من الظالمين ببعيد كذبتم جميع كتب الله ورسوله والعقل والفطرة والحسن وكذبتم عقولكم قبل تكذيب العقلاء فإن جحد حكمة الله الباهرة في خلقه وأمره بمنزلة جحد الشمس والقمر والليل والنهار وغير مستنكر لكثير من الطوائف أهل الكلام المكابرة في جحد الضروريات وإن أقررتم بحكمة في بعض خلقه وأمره قيل لكم فأي الأمرين أولى به وجود تلك الحكمة أم عدمها فإن قلتم عدمها أولى من وجودها كان هذا غاية الكذب والبهت والمحال وإن قلتم وجودها أكمل قيل فهل هو قادر على تحصيلها في جميع خلقه وأحكامه أم غير قادر فإن قلتم غير قادر جئتم بالعظيمة في العقل والدين وانسلختم من عقولكم وأذهانكم وإن قلتم بل هو قادر على ذلك قيل فإذا كان قادرا على شيء وهو كمال في نفسه ووجوده خير من عدمه وهو أولى به فكيف يجوز نفيه عنه فإن قلتم إنما نفياه لأنا لم نطلع على حقيقته قيل صدقتم والله سائلكم في جميع ما تنفونه عن الله إنما مستندكم في نفيه عدم الاطّلاع على حقيقته ولم تكتفوا بقبول قول الرسل فصرتم إلى النفي، الجواب العاشر أن العقلاء قاطبة متفقون على أن الفاعل إذا فعل أفعالا ظهرت فيها حكمته ووقعت على أتم الوجوه وأوفقها للمصالح المقصودة بها ثم إذا رأوا أفعاله قد تكررت كذلك ثم جاءهم من أفعاله ما لا يعلمون وجه حكمته فيه لم يسعهم غير التسليم

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست