responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 280
عليهم به فهؤلاء قالوا يحب الكفر والفسوق والعصيان والظلم والبغي والفساد وأولئك قالوا لا يدخل تحت مشيئته وقدرته وخلقه وأولئك قالوا لا يكون في ملكه إلا ما يحبه ويرضاه وهؤلاء قالوا يكون في ملكه ما لا يشاء ويشاء ما لا يكون فسبحان الله وتعالى عما يقول الفريقان علوا كبيرا والحمد لله الذي هدانا لما أرسل به رسوله وأنزل به كتابه وفطر عليه عباده وبرأنا من بدع هؤلاء وهؤلاء فله الحمد والمنة والفضل والنعمة والثناء الحسن ونسأله التوفيق لما يحبه يرضاه وان يجنبنا مضلات البدع والفتن.

الباب التاسع والعشرون: في انقسام القضاء والحكم والإرادة والكتابة والأمر والإذن والجعل والكلمات والبعث والإرسال والتحريم والانتباه إلى كوني متعلق بخلقه وإلى ديني متعلق بأمره وما يحقق ذلك من إزالة اللبس والإشكال.
هذا الباب متصل بالباب الذي قبله وكل منهما يقرر لصاحبه فما كان من كوني فهو متعلق بربوبيته وخلقه وما كان من الديني فهو متعلق بإلهيته وشرعه وهو كما أخبر عن نفسه سبحانه له الخلق والأمر فالخلق قضاؤه وقدره وفعله والأمر شرعه ودينه فهو الذي خلق وشرع وأمر وأحكامه جارية على خلقه قدرا وشرعا ولا خروج لأحد عن حكمه الكوني القدري وأما حكمه الديني الشرعي فيعصيه الفجار والفساق والأمران غير متلازمين فقد يقضي ويقدر ما لا يأمر به ولا شرعه وقد يشرع ويأمر بما لا يقضيه ولا يقدره ويجتمع الأمران فيما وقع من طاعات عبادة وإيمانهم وينتفي الأمران عما لم يقع من المعاصي والفسق والكفر وينفرد القضاء الديني والحكم الشرعي في ما أمر به وشرعه ولم يفعله المأمور وينفرد الحكم الكوني فيما وقع من المعاصي إذا عرف ذلك فالقضاء في كتاب الله نوعان كوني قدري كقوله: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} وقوله: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} وشرعي ديني كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} أي أمر وشرع ولو كان قضاء كونيا لما عبد غير الله والحكم أيضا نوعان فالكوني كقوله: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} أي افعل ما تنصر به عبادك وتخذل به أعداءك والديني كقوله: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} وقد يرد بالمعنيين معا كقوله: {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً} فهذا يتناول حكمه الكوني وحكمه الشرعي والإرادة أيضا نوعان فالكونية كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} وقوله: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً} وقوله: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} وقوله: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ} والدينية كقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وقوله: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} فلو كانت هذه الإرادة كونية لما حصل العسر لأحد منا ولو وقعت التوبة من جميع المكلفين وبهذا التفصيل يزول الاشتباه في مسألة الأمر والإرادة هل هما متلازمان أم لا فقالت القدرية الأمر يستلزم الإرادة واحتجوا بحجج لا تندفع وقالت المثبتة الأمر لا يستلزم الإرادة واحتجوا بحجج لا تندفع والصواب أن الأمر يستلزم الإرادة الدينية ولا يستلزم الإرادة الكونية فإنه لا يأمر إلا بما يريده شرعا ودينا وقد يأمر بما لا يريده كونا وقدرا كإيمان

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست