responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 293
: {فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} أي على رجع الإنسان حيا بعد موته هذا هو الصواب في معنى الآية يبقى أن يقال فكيف يرتبط هذا بقوله فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلال فيقال هذا الذي أوجب لأصحاب ذلك القول ما تأولوا به الآية ومن تأمل الآية علم أن القول أولى بها ووجه الارتباط أن الآية تضمنت قواعد الدين علما وعملا واعتقادا فأمر سبحانه فيها بالقسط هو الذي هو حقيقة شرعه ودينه وهو يتضمن التوحيد فإنه أعدل العدل والعدل في معاملة الخلق والعدل في العبادة وهو الاقتصاد في السنة ويتضمن الأمر بالإقبال على الله وإقامة عبوديته في ثبوته ويتضمن الإخلاص له وهو عبوديته وحده لا شريك له فهذا ما فيها من العمل ثم أخبر بمبدأهم ومعادهم فتضمن ذلك حدوث الخلق وإعادته فذلك الإيمان بالمبدأ والمعاد ثم أخبر عن القدر الذي هو نظام التوحيد فقال فريقا هدى وفريفا حق عليهم الضلالة فتضمنت الآية الإيمان بالقدر والشرع والمبدأ والمعاد والأمر بالعدل والإخلاص ثم ختم الآية بذكر حال من لم يصدق هذا الخبر ولم يطع هنا الأمر بأنه قدوا للشيطان دون ربه وأنه على ضلال وهو يحسب أنه على هدى والله أعلم.
فصل: وقال آخرون يعني قوله كل مولود يولد على الفطرة أن الله فطرهم على الإنكار والمعرفة وعلى الكفر والإيمان فأخذ من ذرية آدم الميثاق حين خلقهم فقال ألست بربكم قالوا جميعا بلى فأما أهل السعادة فقالوا بلى على معرفة له طوعا من قلوبهم وأما أهل الشقاء فقالوا بلى كرها غير طوع قالوا ويصدق ذلك قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً} قالوا وكذلك قوله: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} قال محمد بن نصر المروزي سمعت إسحاق بن راهويه يذهب إلى هذا المعنى واحتج بقول أبي هريرة: "اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} " قال الحق نقول لا تبديل للخلقة التي جبل عليها ولد آدم كلهم يعني من الكفر والإيمان والمعرفة والإنكار واحتج بقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية قال إسحاق أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد واستنطقهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى قال انظروا أن لا تقولوا أنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وذكر حديث أبي بن كعب في قصة الغلام الذي قتله الخضر قال وكان الظاهر ما قال موسى أقتلت نفسا زكية بغير نفس فأعلم الله الخضر ما كان الغلام عليه من الفطرة التي فطره عليها وأنه لا تبديل لخلق الله فأمر بقتله لأنه كان قد طبع كافرا وفي صحيح البخاري أن ابن عباس كان يقرأها وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين قال إسحاق: "فلو ترك النبي صلى الله عليه وسلم الناس ولم يبين لهم حكم الأطفال لم يعرفوا المؤمنين منهم من الكافرين" لأنهم لا يدرون ما جبل كل واحد عليه حتى أخرج من ظهر آدم فبين النبي صلى الله عليه وسلم حكم الأطفال في الدنيا بأن أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه يقول أنتم لا تعلمون ما طبع عليه في الفطرة الأولى لكن حكم الطفل في الدنيا حكم أبويه فاعرفوا ذلك بالأبوين فمن كان صغيرا بين أبوين مسلمين ألحق بحكم الإسلام وأما إيمان ذلك وكفره مما يصير إليه فعلم ذلك إلى الله وبعلم ذلك فضل الله الخضر في علمه هذا على موسى إذ أطلعه الله عليه في ذلك الغلام وخصه بذلك قال ولقد سئل ابن عباس عن ولدان

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 293
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست