responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 294
المسلمين والمشركين فقال: "حسبك ما اختصم فيه موسى والخضر" قال إسحاق: "ألا ترى إلى قول عائشة حين مات صبي من الأنصار بين أبوين مسلمين طوبى له عصفور من عصافير الجنة فرد عليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال مه يا عائشة وما يدريك أن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وخلق النار وخلق لها أهلا" قال إسحاق: "فهذا الأصل الذي يعتمد عليه أهل العلم" وسئل حماد بن سلمة عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة" فقال: "هذا عندنا حيث أخذ العهد عليهم في أصلاب آبائهم قال ابن قتيبة يريد حين مسح ظهر آدم فاستخرج منه ذريته إلى يوم القيامة أمثال الذر وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى" قال شيخنا: "أصل مقصود الأئمة صحيح وهو منع احتجاج القدرية بهذا الحديث على نفي القدر لكن لا يحتاج مع ذلك أن يفسر القرآن والحديث إلا بما هو مراد الله ورسوله ويجب أن يتبع في ذلك ما دل عليه الدليل" وما ذكروه أن الله فطرهم على الكفر والإيمان والمعرفة والنكرة إن أرادوا به أن الله سبق في علمه وقدره بأنهم سيؤمنون ويكفرون ويعرفون وينكرون وإن ذلك كان بمشيئة الله وقدره وخلقه فهذا حق ترده القدرية فغلاتهم ينكرون العلم وجميعهم ينكرون عموم خلقه ومشيئته وقدرته وإن أرادوا أن هذه المعرفة والنكرة كانت موجودة حين أخذ الميثاق كما في ظاهر المنقول عن إسحاق فهذا يتضمن شيئين أحدهما أنهم حينئذ كانت المعرفة والإيمان موجودا فيهم كما قال ذلك طوائف من السلف وهو الذي حكى إسحاق الإجماع عليه وفي تفسير الآية نزاع بين الأئمة وكذلك في خلق الأرواح قبل الأجساد قولان معروفان لكن المقصود هنا أن هذا إن كان حقا فهو توكيد لكونهم ولدوا على تلك المعرفة والإقرار فهذا لا يخالف ما دلت عليه الأحاديث من أنه يولد على الملة وأن الله خلق خلقه حنفاء بل هو مؤيد لذلك وأما قول القائل أنهم في ذلك الإقرار انقسموا إلى مطيع وكافر فهذا لم ينقل عن أحد من السلف فيما أعلم إلا عن السدي في تفسيره قال لما أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يهبطه من السماء مسح صفحة ظهره اليمنى فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر فقال لهم أدخلوا الجنة برحمتي ومسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر فقال أدخلوا النار ولا أبالي ذلك قوله وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال ثم أخذ منهم الميثاق فقال الست بربكم قالوا بلى فأعطاه طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجه التقية فقال هو والملائكة شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين فليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف الله بأنه ربه وذلك قوله عز وجل: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً} وكذلك قوله: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} يعني يوم أخذ الميثاق قال شيخنا: "وقيل هذا الأثر لا يوثق به" فإن في تفسير السدي أشياء قد عرف بطلان بعضها وهو ثقة في نفسه وأحسن أحوال هذا وأمثاله أن يكون كالمراسيل إن كان مأخوذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف إذا كان مأخوذا عن أهل الكتاب ولو لم يكن في هذا إلا معارضة لسائر الآثار التي تتضمن التسوية بين جميع الناس في الإقرار لكفى وأما قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً} فإنما هو في الإسلام الموجود منهم بعد خلقهم لم يقل أنهم حين العهد الأول أسلموا طوعا وكرها يدل على ذلك أن ذلك الإقرار الأول جعله الله عليهم حجة على من ينسه ولو كان فيهم كاره لقال لم أقر طوعا بل كرها فلا يقوم به عليه حجة وأما احتجاج أحمد بقول أبي هريرة "اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 294
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست