responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 295
فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} " فهذه الآية فيها قولان أحدهما أن معناها النهي كما تقدم عن أبن جرير أنه فسرها فقال أي لا تبدلوا دين الله الذي فطر عليه عباده وهذا قول غير واحد من المفسرين لم يذكروا غيره والثاني ما قاله إسحاق وهو أنها خبر على ظاهرها وأن خلق الله لا يبدله أحد وظاهر اللفظ خبر فلا يجعل نهيا بغير حجة وهذا أصح وحينئذ فيكون المراد أن ما جبلهم عليه من الفطرة لا يبدل فلا يجبلون على غير الفطرة لا يقع هذا أصلا والمعنى أن الخلق لا يتبدل فيخلقون على غير الفطرة ولم يرد بذلك أن الفطرة لا تتغير بعد الخلق بل نفس الحديث يبين أنها تتغير ولهذا شبهها بالبهيمة التي تولد جمعاء ثم تجدع ولا تولد بهيمة مخصية ولا مجدوعة وقد قال تعالى عن الشيطان: {لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} أقدر الخلق على أن يغيروا ما خلقهم عليه بقدرته ومشيئته وإنما تبديل الخلق بأن يخلقوا على غير تلك الفطرة فهذا لا يقدر عليه إلا الله والله لا يفعله كما قال لا تبديل لخلق الله ولم يقل لا تغيير فإن تبديل الشيء يكون بذهابه وحصول بدله ولكن إذا غير بعد وجوده لم يكن الخلق الموجود عند الولادة وأما قول القائل لا تبديل للخلقة التي جبل عليها بنو آدم كلهم من كفر وإيمان فإن عني به ما سبق به القدر من الكفر والإيمان لا يقع خلافه فهذا حق ولكن ذلك لا يقتضي أن تبديل الكفر بالإيمان وبالعكس ممتنع ولا أنه غير مقدور بل العبد قادر على ما أمره الله به من الإيمان وعلى ترك ما نهاه عنه من الكفر وعلى أن يبدل حسناته بالسيئات وسيئاته بالحسنات كما قال الله إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء وهذا التبديل كله بقضاء الله وقدره وهذا بخلاف ما فطروا عليه حين الولادة فإن ذلك خلق الله الذي لا يقدر على تبديله غيره وهو سبحانه لا يبدله بخلاف تبديل الكفر بالإيمان وبالعكس فأنه يبدله كثيرا والعبد قادر على تبديله بإقدار الرب له على ذلك ومما يوضح ذلك قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} فهذه فطرة محمودة أمر الله بها نبيه فكيف تنقسم إلى كفر وإيمان مع أمر الله تعالى بها وقد تقدم تفسير السلف لا تبديل لخلق الله أي لدين الله أو النهي عن الخصا ونحوه ولم يقل أحد منهم أن المعني لا تبديل لأحوال العباد من كفر إلى إيمان وعكسه فإن تبديل ذلك موجود ومهما وقع كان هو الذي سبق به القدر والرب تعالى عالم بما سيكون لا يقع خلاف معلومه فإذا وقع التبديل كان هو الذي علمه وأما قوله عن الغلام أنه طبع يوم طبع كافرا فالمراد به أنه كتب كذلك وقدر وختم فهو من طبع الكتاب ولفظ الطبع لما صار يستعمله كثير من الناس في الطبيعة التي هي بمعنى الخلقة والجبلة ظن الظان أن هذا مراد الحديث وهذا الغلام الذي قتله الخضر ليس في القرآن ما يبين أنه كان غير بالغ ولا مكلف بل قراءة ابن عباس تدل على أنه كافر كان في الحال وتسميته غلاما لا يمنع أن يكون مكلفا قريب العهد بالصغر ويدل عليه أن موسى لم ينكر قتله لصغره بل لكونه زاكيا ولم يقتل نفسا لكن يقال في الحديث الصحيح ما يدل على أنه كان غير بالغ من وجهين أحدهما أنه قال فمر بصبي يلعب مع الصبيان الثاني أنه قال ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا وهذا دليل على كونه لم يدرك بعد فيقال الكلام على الآية على التقديرين فإن كان بالغا وقد كفر فقد قتل على كفره الواقع بعد البلوغ ولا إشكال وإن كان غير بالغ فلعل تلك الشريعة كان فيها التكليف قبل الاحتلام عند قوة عقل الصبي وكمال تميزه وإن لم يكن التكليف قبل البلوغ بالشرائع واقعا فلا يمتنع وقوعه بالتوحيد ومعرفة الله كما قاله طوائف من

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست