responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 296
أهل الكلام والفقه من أصحاب أبي حنيفة وأحمد وغيرهم وعلى هذا فيمكن أن يكون مكلفا بالإيمان قبل البلوغ وإن لم يكن مكلفا بشرائعه وكفر الصبي المميز عند أكثر العلماء مؤاخذ به فإذا ارتد صار مرتدا لكن لا يقتل حتى يبلغ فالغلام الذي قتله الخضر إما أن يكون كافرا بعد البلوغ فلا إشكال وإما أن يكون غير بالغ وهو مكلف في تلك الشريعة فلا أشكال أيضا وإما أن يكون مكلفا بالتوحيد والمعرفة غير مكلف بالشرائع فيجوز قتله في تلك الشريعة وإما أن لا يكون مكلفا فقتل لئلا يفتتن أبويه عن دينهما كما يقتل الصبي الكافر في ديننا إذا لم يندفع ضرره عن المسلمين إلا بالقتل وأما قتل صبي لم يكفر بعد بين أبوين مؤمنين للعلم بأنه إذا بلغ كفر وفتن أبويه فقد يقال ليس في القرآن ولا في السنة ما يدل عليه وأيضا فإن الله لم يأمر أن يعاقب أحد بما يعلم أنه يكون منه قبل أن يكون منه ولا هو سبحانه يعاقب العباد على ما يعلم أنهم سيفعلونه حتى يفعلونه وقائل هذا القول يقول أنه ليس في قصة الخضر شيء من الاطّلاع على الغيب الذي لا يعلمه عموم الناس وإنما فيها علمه بأسباب لم يكن علم بها موسى مثل علمه بأن السفينة لمساكين يعلمون ورائهم ملك ظالم وهذا أمر يعلمه غيره وكذلك كون الجدار كان لغلامين يتيمين وأن أباهما كان رجلا صالحا وأن تحته كنزا لهما مما يمكن أن يعلمه كثير من الناس وكذلك كفر الصبي مما يمكن أنه كان يعلمه كثير من الناس حتى أبواه لكن لحبهما له لا ينكران عليه أو لا يقبل منهما فإن كان الأمر على ذلك فليس في الآية حجة على قولهم أصلا وأن ذلك الغلام لم يكفر بعد ولكن سبق في العلم أنه إذا بلغ كفر فمن يقول هذا يقول أن قتله دفعا لشره كما قال نوح: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً} وعلى هذا فلم يكن قبل قيام الكفر به كافرا وقراءة ابن عباس وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين ظاهرة أنه كان حينئذ كافرا فإن قيل فهذا الغلام كان أبواه مؤمنين فلو كان مولودا على فطرة الإسلام وهو بين أبوين مسلمين لكان مسلما تبعا لهما وبحكم الفطرة فكيف يقتل والحالة هذه قيل إن كان بالغا فلا إشكال وإن كان مميزا وقد كفر فيصح كفره وردته عند كثير من العلماء وأن لا يقتل حتى يبلغ عندهم فلعل في تلك الشريعة يجوز قتل المميز الكافر وإن كان صغيرا غير مميز فيكون قتله خاصا به لأن الله أطلع الخضر عل أنه لو بلغ لاختار غير دين الأبوين وعلى هذا يدل قول ابن عباس لنجدة وقد سأله عن قتل صبيان الكفار فقال: "لئن علمت فيهم ما علمه الخضر من الغلام فاقتلهم" فإن قيل إذا كان مولودا على الفطرة وأبواه مؤمنين فمن أين جاء الكفر قيل إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على الغالب وإلا فالكفر قد يأتيه من قبل غير أبويه فهذا الغلام إن كان كافرا في الحال فقد جاء الكفر من غير جهة أبويه وإن كان المراد أنه إذا بلغ سيكفر باختياره فلا إشكال.
فصل: وأما تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه" أنه أراد به مجرد الإلحاق في أحكام الدنيا دون أن يكون أراد أنهما يغيران الفطرة فهذا خلاف ما يدل عليه الحديث فإنه شبه تكفير الأطفال بجدع البهائم تشبيها للتغيير بالتغيير وأيضا فإنه ذكر هذا الحديث لما قتل أولاد المشركين فنهاهم عن قتلهم وقال أليس خياركم أولاد المشركين كل مولود يولد على الفطرة فلو أراد أنه تابع لأبويه في الدنيا لكان هذا حجة لهم يقولون هم كفار كآبائهم وكون الصغير يتبع أبواه في أحكام الدنيا هو لضرورة بقائه في الدنيا فإنه لا بد له من مرب يربيه وإنما يربيه أبواه فكان

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست