responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 299
ما إذا كفله أهل دين الأبوين فإنهم يقومون مقامهما ولا أثر لفقد الأبوين إذا كفله جده أو جدته أو غيرهما من أقاربه فهذا القول أرجح في النظر والله أعلم وليس المقصود ذكر هذه المسائل وما يصير به الطفل مسلما فإنا قد استوفيناها في كتابنا في أحكام أهل الملل بأدلتها واختلاف العلماء من السلف والخلف فيها وذكر مأخذهم وإنما المقصود ذكر الفطرة وأنها هي الحنيفية وأنها لا تنافي القدر السابق بالشقاوة والله أعلم.
فصل: قال أبو عمر وقال آخرون في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر الفطرة ها هنا كفرا ولا إيمانا ولا معرفة ولا إنكارا وإنما أراد أن كل مولود يولد على السلامة خلقة وطبعا وبنية ليس معها كفر ولا إيمان ولا معرفة ولا إنكار ثم يعتقد الكفر أو الإيمان بعد البلوغ إذا ميز واحتجوا بقوله في الحديث كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء يعني سالمة هل تحسون فيها من جدعاء يعني مقطوعة الأذن فمثل قلوب بني آدم بالبهائم لأنها تولد كاملة الخلق لا يتبين فيها نقصان ثم تقطع آذانها بعد وأنوفها فيقال هذه السوائب وهذه البحائر يقول كذلك قلوب الأطفال في حين ولادتهم ليس لهم حينئذ كفر ولا إيمان ولا معرفة ولا إنكار كالبهائم السالمة فلما بلغوا استهوتهم الشياطين فكفر أكثرهم وعصم الله أقلهم قالوا ولو كان الأطفال قد فطروا على شيء من الكفر والإيمان في أولية أمرهم ما انتقلوا عنه أبدا فقد تجدهم يؤمنون ثم يكفرون ثم يؤمنون قالوا ويستحيل في العقول أن يكون الطفل في حال ولادته يفعل كفرا أو إيمانا لأن الله أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا فمن لم يعلم شيئا استحال منه كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار قال أبو عمر هذا القول أصح ما قيل في معنى الفطرة التي تولد الولدان عليها وذلك أن الفطرة السلامة والاستقامة بدليل قوله تعالى في حديث عياض بن حماد أني خلقت عبادي حنفاء يعني على استقامة وسلامة وكأنه والله أعلم أراد الذين خلصوا من الآفات كلها والمعاصي والطاعات فلا طاعة منهم ولا معصية إذا لم يعملوا بواحدة منهما ومن الحجة أيضا في هذا قول الله تعالى: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} ومن لم يبلغ وقت العمل يبرهن بشيء قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} قال شيخنا: "هذا القائل أن أراد بهذا القول أنهم خلقوا خاليين من المعرفة والإنكار من غير أن تكون الفطرة تقتضي واحدا منهما بل يكون القلب كاللوح الذي يقبل كتابه الإيمان والكفر وليس هو لأحدهما أقبل منه للآخر وهذا هو الذي يشعر به ظاهر الكلام فهذا قول فاسد لأنه حينئذ لا فرق بالنسبة إلى الفطرة بين المعرفة والإنكار والتهويد والتنصير والإسلام وإنما ذلك بحسب الأسباب فكان ينبغي أن يقال فأبواه يسلمانه ويهودانه وينصرانه ويمجسانه فلما ذكر أن أبويه يكفرانه وذكر الملل الفاسدة دون الإسلام علم أن حكمه في حصول ذلك بسبب منفصل عن حكم الكفر وأيضا فإنه على هذا التقدير لا يكون في القلب سلامة ولا عطب ولا استقامة ولا زيغ إذ نسبته إلى كل منهما نسبة واحدة وليس هو بأحدهما بأولى منه بالآخر كما أن اللوح قبل الكتابة لا يثبت له حكم مدح ولا ذم فما كان قابلا للمدح والذم على السواء لم يستحق مدحا ولا ذما والله تعالى

نام کتاب : شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست