responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 125
والمقصود أَن الملك والحمد فى حقه متلازمان، فكل ما شمله ملكه وقدرته شمل حمده، فهو محمود فى ملكه وله الملك والقدرة مع حمده، فكما يستحيل خروج شيء من الموجودات عن ملكه وقدرته يستحيل خروجها عن حمده وحكمته، ولهذا يحمد سبحانه نفسه عند خلقه وأَمره، لينبه عباده على أَن مصدر خلقه وأَمره عن حمده، فهو محمود على كل ما خلقة وأَمر به حمد شكر وعبودية، وحمد ثناءٍ ومدح، ويجمعهما التبارك، فتبارك الله يشمل ذلك كله، ولهذا ذكر هذه الكلمة عقيب قوله: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ، تَبَاركَ اللهُ رَبُّ العالَمِينَ} [الأعراف: 54]
فالحمد أَوسع الصفات وأَعم المدائح والطرق إِلى العلم به فى غاية الكثرة، والسبيل إِلى اعتباره فى ذرّات العالم وجزئياته وتفاصيل الأَمر والنهى واسعة جداً، لأَن جميع أَسمائه تبارك وتعالى حمد، وصفاته حمد وأَفعاله حمد، وأَحكامه حمد، وعدله حمد، وانتقامه من أَعدائه حمد، وفضله فى إحسانه إلى أَوليائه حمد والخلق والأَمر إِنما قام بحمده ووجد بحمده وظهر بحمده وكان الغاية هى حمده فحمده سبب ذلك وغايته ومظهره وحامله فحمده روح كل شيء، وقيام كل شيء بحمده، وسريان حمده فى الموجودات وظهور آثاره فيه أَمر مشهود بالأَبصار والبصائر: فمن الطرق الدالة على شمول معنى الْحمد وانبساطه على جميع المعلومات معرفة أَسمائه وصفاته، وإقرار العبد بأَن للعالم إِلهاً حياً جامعاً لكل صفة كمال واسم حسن وثناءٍ جميل وفعل كريم وأَنه سبحانه له القدرة التامة والمشيئة النافذة والعلم المحيط والسمع الذى وسع الأَصوات والبصر الذى أَحاط بجميع المبصرات والرحمة التى وسعت جميع المخلوقات والملك الأَعلى الذى لا يخرج عنه ذرة من الذرات والغنى التام المطلق من جميع الجهات والحكمة البالغة المشهود آثارها فى الكائنات والعزة الغالبة بجميع الوجوه والاعتبارات والكلمات التامات النافذات التى لا يجاوزهن بر ولا فاجر من جميع البريات، واحد لا شريك له فى ربوبيته ولا فى إلهيته، ولا شبيه له فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أَفعاله، وليس له من يشركه فى ذرة من ذرات ملكه، أَو يخلفه فى تدبير خلقه، أَو يحجبه عن داعيه أَو مؤمليه أو سائليه، أَو يتوسط بينهم وبينه بتلبيس أَو فرية أَو كذب كما يكون بين الرعايا وبين الملوك، ولو كان كذلك لفسد نظام الوجود وفسد العالم بأَسره: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا الله لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]

نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست