responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 127
يعذب رجالاً إِذا لم يكونوا نساءَ ونساءً حيث لم يكونوا رجالاً وطوالاً حيث لم يكونوا قصاراً وبالعكس وسوداً إِذا لم يكونوا بيضاً وبالعكس، بل تعذيبه لهم على مخالفته هو من هذا الجنس إذ لا قدرة لهم البتة على فعل ما أُمروا به ولا ترك ما نهوا عنه. فله الحمد والمنة والثناءُ الحسن الجميل إِذ لم يجعلنا عبيداً لمن هذا شأْنه فنكون مضيعين، ليس لنا رب نقصده، ولا صمد نتوجه إِليه ونعبده، ولا إِله نعوّل عليه، ولا رب نرجع إليه بل قلوبنا تنادى فى طرق الحيرة: من دلنا وجمع علينا رباً ضائعاً لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محاذ له، ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا نزل من عنده شيء ولا يصعد إليه شيء، ولا كلَّم أَحداً ولا يكلمه أَحد، ولا ينبغى [لأحد أن يذكر صفاته ولايعرفه بها بل يذكرها بلسانه فلا يتكلم بها وبقلبه فلا يعقلها وينبغى] له أَن يعاقب بالقتل أَو بالضرب والحبس من ذكرها أَو أَخبر عنه بها أَو أَثبتها له. أَو نسبها إلِيه أَوْ عرفه بها، بل التوحيد الصرف جحدها وتعطيله عنها ونفى قيامها به واتصافه وما لم تدركه عقولنا من ذلك فالواجب نفيه وجحده [وتكفير] من أثبته واستحلال دمه وماله أو تبديعه وتضليله وتفسيقه، وكلما كان النفى أَبلغ كان التوحيد أتم، فليس كذا وليس كذا أَبلغُ فى التوحيد من قولنا هو كذا وهو كذا.
فللَّه العظيم أَعظم حمد وأَتمه وأَكمله على ما منَّ به من معرفته وتوحيده والإقرار بصفاته [العلى] وأَسمائه الحسنى، وإِقرار قلوبنا بأَنه الله الذى لا إِله إِلا هو عالم الغيب والشهادة رب العالمين قيوم السموات والأرضين إِله الأَولين والآخرين، ولا يزال موصوفاً بصفات الجلال، منعوتاً بنعوت الكمال، منزهاً عن أضدادها من النقائص والتشبيه والمثال. فهو الحى القيوم الذى لكمال حياته وقيوميته لا تأْخذه سنة ولا نوم، مالك السموات والأرض الذى لكمال ملكه لا يشفع عنده أَحد إِلا بإِذنه، العالم بكل شيء الذى لكمال علمه يعلم ما بين أَيدى الخلائق وما خلفهم فلا تسقط ورقة إلا بعلمه ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه يعلم دبيب الخواطر فى القلوب حيث لا يطلع عليها الملك ويعلم ما سيكون منها حيث لا يطلع عليه القلب، البصير الذى لكمال بصره يرى تفاصيل خلق الذرة الصغيرة وأعضائها ولحمها ودمها ومخها وعروقها، ويرى دبيبها على الصخرة الصماءِ فى الليلة الظلماءِ، ويرى ما تحت الأرضين [السبع] كما يرى ما فوق السموات السبع. السميع الذى قد استوى فى سمعه سر القول

نام کتاب : طريق الهجرتين وباب السعادتين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست